العلة ونا مفعول به أول واللذين مفعول به ثان لأن الرؤية بصرية وقد عديت الى اثنين بالهمزة وجملة أضلّانا صلة ومن الجن والإنس حال قيل هما إبليس وقابيل الأول سن الكفر والثاني سن القتل بغير حق لأنه قتل أخاه كما تقدم. (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) نجعلهما فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب والفاعل مستتر تقديره نحن والهاء مفعول به أول وتحت أقدامنا الظرف في موضع المفعول الثاني، ليكونا اللام للتعليل ويكونا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والألف اسمها ومن الأسفلين خبرها والجار والمجرور متعلقان بفعل الرؤية لأنه تعليل لها.
البلاغة :
١- في قوله « فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا » استعارة مكنية وقد تقدم اجراؤها كثيرا.
٢- وفي قوله « لهم فيها دار الخلد » تجريد، وهو أن ينتزع من أمر ذي بال صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة مبالغة لكماله فيها، فقد انتزع من النار دارا أخرى سماها دار الخلد.
أقسام التجريد :
و اعلم أن للتجريد أقسام ذكرها علماء البيان، وسنحاول أن نورد ما قالوه فيها على سبيل الإيجاز :
١- فمنه ما يكون بمن التجريدية كقولهم لي من فلان صديق حميم أي قد بلغ فلان حدا من الصداقة يصح معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها، ومثاله من الشعر قول القاضي الفاضل :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٥٥٣
تمد الى الأعداء منها معاصما فترجع من ماء الكلى بأساور
٢- ومنه ما يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه نحو قولهم : لئن سألت فلانا لتسألن به البحر، بالغ في اتصافه بالسماحة حتى انتزع منه بحرا في السماحة.
٣- ومنه ما يكون بدخول باء المعية والمصاحبة في المنتزع كقول ابن هانى ء :
و ضربتم هام الكماة ورعتم بيض الخدور بكل ليث مخدر
و قول أبي تمام :
هتك الظلام أبو الوليد بغرة فتحت لنا باب الرجاء المقبل
بأتم من قمر السماء إذا بدا بدرا وأحسن في العيون وأجمل