و أجل من قيس إذا استنطقته رأيا وألطف في الأمور وأجزل
هذا والمراد بأتم من قمر السماء نفس أبي الوليد كما لا يخفى.
٤- ومنه أن يكون بدخول في على المنتزع منه أو مدخول ضميره كالآية التي نحن بصددها « لهم فيها دار الخلد » أي في جهنم وهي دار الخلد لكنه انتزع منها دارا أخرى مبالغة، وقول المتنبي :
تمضي المواكب والأبصار شاخصة منها الى الملك الميمون طائره
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٥٥٤
قد حرن في بشر في تاجه قمر في درعه أسد تدمى أظافره
فإن الأسد هو نفس الممدوح لكنه انتزع منه أسدا آخر تهويلا لأمره ومبالغة في اتصافه بالشجاعة.
٥- ومنه أن يكون بدخول بين كقول ابن النبيه :
يهتزّ بين وشاحيها قضيب نقا حمائم الحلي في أفنانه صدحت
٦- ومنه أن يكون بدون توسط شي ء كقول قتادة بن سلمة الحنفي :
فلئن بقيت لأرحلن بعزة تحوي الغنائم أو يموت كريم
يعني بالكريم نفسه فكأنه انتزع من نفسه كريما مبالغة في كرمه ولذا لم يقل أو أموت، وقول أبي تمام :
و لو تراهم وإيانا وموقفنا في مأتم البين لاستهلاكنا زجل
من حرقة أطلقتها فرقة أسرت قلبا ومن غزل في نحره عذل
و قد طوى الشوق في أحشائنا بقرا عينا طوتهن في أحشائها الكلل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٥٥٥
و مراده بالبقر العين الذين أخبر عنهم أولا بقوله ولو تراهم فكأنه انتزع منهم موصوفين بهذه الصفة مبالغة فيها.
٧- ومنه أن ينتزع الإنسان من نفسه شخصا آخر مثله في الصفة التي سيق لها الكلام ثم يخاطبه كقول أبي الطيب المتنبي :
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
أراد بالحال الغنى فكأنه انتزع من نفسه شخصا آخر مثله في فقد الخيل والمال والحال، ومنه قول الأعشى :
ودّع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل
و قول أبي نواس الممتع :
يا كثير النوح في الدمن لا عليها بل على السكن
سنة العشاق واحدة فإذا أحببت فاستنن


الصفحة التالية
Icon