و قال الشهاب الحلبي المعروف بابن السمين :« قوله ليس كمثله شي ء في هذه الآية أوجه : أحدها وهو المشهور عند المعربين أن الكاف زائدة في خبر ليس وشي ء اسمها والتقدير ليس شي ء مثله قالوا : ولو لا ادّعاء زيادتها للزم أن يكون له مثل وهو محال إذ يصير التقدير على أصالة الكاف ليس مثل مثله شي ء فنفى المماثلة عن مثله فثبت أن له
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١٧
مثلا ولا مثل لذلك المثل وهذا محال تعالى اللّه عن ذلك، وقال أبو البقاء : ولو لم تكن زائدة لأفضى ذلك إلى المحال إذ كان يكون المعنى أن له مثلا وليس لمثله مثل وفي ذلك تناقض لأنه إذا كان له مثل فلمثله مثل وهو هو مع أن إثبات المثل للّه تعالى محال. قلت : وهي طريقة غريبة في تقرير الزيادة وهي طريقة حسنة الصناعة والثاني : أن مثل هي الزائدة كزيادتها في قوله تعالى بمثل ما آمنتم قال الطبري : كما زيدت الكاف في بعض المواضع وهذا ليس بجيد لأن زيادة الأسماء ليست بجائزة وأيضا يصير التقدير ليس كهو شي ء، ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز إلا في الشعر. الثالث : أن العرب تقول مثلك لا يفعل كذا يعنون المخاطب نفسه لأنهم يريدون المبالغة في نفي الوصف عن المخاطب فينفونها في اللفظ عن مثله فيثبت انتفاؤها عنه بدليلها، قال ابن قتيبة :
العرب تقيم المثل مقام النفس فتقول مثلي لا يقال له هذا أي أنا لا يقال لي هذا. الرابع : أن يراد بالمثل الصفة وذلك أن المثل بمعنى المثل والمثل الصفة كقوله مثل الجنة فيكون المعنى ليس مثل صفته تعالى شي ء من الصفات التي لغيره وهو محمل سهل ».
و للراغب في مفرداته كلام لطيف يحسن إثباته هنا في المثل قال :
« المثل أعمّ الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك في الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط والمثل في جميع ذلك ولهذا لما أراد اللّه نفي الشبه من كل وجه خصّه بالذّكر قال تعالى : ليس كمثله شي ء ».