مسوقة لتعداد أصول الدين وفضائله وقد وردت فيها أحاديث كثيرة (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أن وما بعدها في موضع نصب بنزع الخافض أي بأنه، والجار وما بعده متعلقان بشهد وقد تقدم إعراب كلمة الشهادة فجدد به عهدا (وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) الواو حرف عطف والملائكة عطف على اللّه وأولو العلم عطف أيضا. ورفع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم (قائِماً بِالْقِسْطِ) حال لازمة من اللّه أو من الضمير المنفصل الواقع بعد إلا، ولعله أولى. وجاز مجي ء الحال بعد معطوفين لأمن الالتباس، فلو لم يؤمن الالتباس لم يجز مجي ء الحال، نحو جاء عليّ وخالد ضاحكا لعدم العلم بمن هو الضاحك. وواضح أن القيام بالقسط من خصائص اللّه تعالى فيكون بمثابة التتمة لكمال الأفعال بعد كمال الذات. وهنا بحث هام سيأتي في باب الفوائد (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) تقدم إعرابها (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران لمبتدأ محذوف تقديره هو ولك أن تعربهما بدلين من « هو ».
البلاغة :
١- في دخول الواو على الصفات مع أن الموصوف واحد تفخيم للموصوف لأنه إيذان بأن كل صفة مستقلة بمدح الموصوف ثم إن الموصوف ليس واحدا كما يبدو للنظرة العجلى.
٢- وفي الآية الأخيرة رد العجز على الصدر، فقد رد « العزيز » إلى تفرده بالوحدانية التي تقتضي العزة، ورد « الحكيم » إلى العدل الذي هو القسط، فهو تعالى حكيم لا يتحيفه جور أو انحراف.
الفوائد :
١- المثال الذي فاؤه حرف علة إذا بني منه فعل أمر حذفت واوه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٤٧٥
أو ياؤه، فتقول في وعد : عد فإذا كان لفيفا مفروقا أي إذا كانت فاؤه ولامه حرفي علة أصبح على حرف واحد لأن الحرفين يحذفان، فتقول في وعي : ع، وفي وقى ق وفي وفى ف وفي وأى إ وعلى هذا يتخرج اللغز المشهور الذي يتندر به صغار المعربين وهو :
إن هند المليحة الحسناء وأي من أضمرت لخل وفاء