١- شجر خلاف بين أهل السنّة والمعتزلة حول قوله تعالى « إنّا كل شي ء خلقناه بقدر » وكان قياس ما مهّد النحاة رفع « كل » لكن لم يقرأ بها واحد من السبعة لأن الكلام مع الرفع جملة واحدة ومع النصب جملتان فالرفع أخصر مع أنه لا مقتضى للنصب هاهنا من أحد الأصناف الستة وهي الأمر والنهي والاستفهام والتمنّي والترجّي والتحضيض، ولا نجد هنا مناسب عطف ولا غيره مما يعدّونه من محال اختيارهم للنصب، فإذا تبين ذلك علم أنه إنما عدل عن الرفع إجمالا لسر لطيف يعين اختيار النصب وهو أنه لو رفع لوقعت الجملة التي هي خلقناه صفة لشي ء ورفع قوله بقدر خبرا عن كل شي ء المقيد بالصفة ويحصل الكلام على تقدير إنّا كل شي ء مخلوق لنا بقدر فأفهم ذلك أن مخلوقا ما يضاف إلى غير اللّه تعالى ليس بقدر، وعلى النصب يصير الكلام إنّا خلقنا كل شي ء بقدر فيفيد عموم نسبة كل مخلوق إلى اللّه تعالى، فلما كانت هذه الفائدة لا توازيها الفائدة اللفظية على قراءة الرفع مع ما في
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٩٢
الرفع من نقصان المعنى ومع ما في هذه القراءة المستفيضة من مجي ء المعنى تاما كفلق الصبح لا جرم أجمعوا على العدول عن الرفع إلى النصب.
على أن الزمخشري وهو من رؤوس المعتزلة وأعلامهم حاول خرق الإجماع ونقل قراءة بالرفع وخلقناه في موضع الصفة وبقدر هو الخبر أو جملة خلقناه هي الخبر وبقدر حال وعبارته « كل شي ء منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر وقرئ كل شي ء بالرفع » وقد انفرد بها أبو السمال وهي شاذة.
٢- خلاصة وافية لبحث الاشتغال : وهذه خلاصة وافية لبحث الاشتغال :


الصفحة التالية
Icon