و جعلنا فعل وفاعل وفي قلوب في موضع المفعول الثاني والذين مضاف إليه وجملة اتبعوه من الفعل والفاعل والمفعول به صلة ورأفة مفعول به أول ورحمة مفعول به ثان، ورهبانية فيها وجهان : ١- أولهما أنها منسوقة على رأفة ورحمة وجملة ابتدعوها نعت لها وإنما خصّت بذكر الابتداع لأن الرحمة والرأفة في القلب أمر غريزي لا تكسّب للإنسان فيه بخلاف الرهبانية فإنها من أفعال البدن وللإنسان فيها تكسّب. ٢- الثاني أنها منصوبة بفعل مقدّر يفسّره الظاهر فتكون المسألة من باب الاشتغال وإلى هذا الإعراب نحا الزمخشري وأبو علي الفارسي والمعتزلة، وذلك أنهم يقولون ما كان من فعل الإنسان فهو مخلوق له فالرأفة والرحمة لما كانتا من فعل اللّه نسب خلقهما أو تصييرهما إليه والرهبانية لما لم تكن من فعل اللّه تعالى بل من فعل العبد نسب خلقها إليه وإلى القارئ نص عبارة أبي حيان :« و رهبانية معطوف على ما قبله فهي داخلة في الجمل وجملة ابتدعوها جملة في موضع الصفة لرهبانية وخصّت الرهبانية بالابتداع لأن الرأفة والرحمة في القلب لا تكسب للإنسان فيها بخلاف الرهبانية فإنها أفعال بدن مع شي ء في القلب ففيها موضع للتكسّب، قال قتادة : الرحمة من اللّه والرهبانية هم ابتدعوها » والرهبانية رفض الدنيا وشهواتها من النساء وغيرهنّ واتخاذ الصوامع، وجعل أبو علي الفارسي ورهبانية مقتطعة من العطف على ما قبلها من رأفة ورحمة فانتصب عنده ورهبانية على إضمار فعل يفسّره ما بعده فهو من باب الاشتغال أي وابتدعوا رهبانية ابتدعوها واتبعه الزمخشري فقال :


الصفحة التالية
Icon