رجل كعمر بن الخطاب في شدّته فيعجب له ويهمّ بأن يبطش بابنته حفصة لأنها تجترى ء كما تجترى ء الزوجات الأخريات، والقصة التالية نموذج صحيح لهذه المعاملة السامية، قال معظم المفسرين ما خلاصته : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة وعلمت بذلك حفصة فقال لها اكتمي وقد حرمت مارية على نفسي وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان من بعدي أمر أمتي فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين، وقيل خلا بها في يوم حفصة فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم فطلّقها واعتزل نساءه ومكث تسعا وعشرين ليلة في بيت مارية، وروي أن عمر قال لها : لو كان في آل الخطاب خير لما طلّقك فنزل جبريل عليه السلام وقال : راجعها فإنها صوّامة قوّامة وإنها من نسائك في الجنة.
و روي أنه شرب عسلا في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا له : إنّا نشم منك ريح المغافير والمغافير جمع مغفور بالضم كعصفور أي صمغ حلوله رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط بضم العين المهملة والفاء يكون بالحجاز له رائحة كرائحة الخمر وكان صلّى اللّه عليه وسلم يكره أن يوجد منه الريح الكريه فحرّم العسل.
و قد تجرأ الزمخشري فأطلق في حق النبي صلّى اللّه عليه وسلم ما لا يسوغ إطلاقه مما لا يسيغ نقله، وقد ردّ عليه ابن المنير ردّا صائبا وحلّل هذا التحريم تحليلا لطيفا ونكتفي بنقله ضاربين صفحا عن بقية الأقوال المتعددة قال ابن المنير :
« ما أطلقه الزمخشري في حق النبي صلّى اللّه عليه وسلم تقوّل وافتراء والنبي منه براء، وذلك أن تحريم ما أحلّ اللّه على وجهين :
اعتقاد ثبوت حكم التحريم فيه فهذا بمثابة اعتقاد حكم التحليل فيما
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٣٦