و قد يكون ذلك في شطر بيت كقول القائل :
و لما تبدى لنا وجهه أرانا الإله هلالا أنارا
و الشاهد في المصراع الثاني أما في النثر فقال اللّه تعالى :(كُلٌّ فِي فَلَكٍ)، (رَبَّكَ فَكَبِّرْ) ويحكى عن العماد الكاتب أنه لقي القاضي الفاضل يوما وهو راكب فرسا فقال له : سر فلا ركبا بك الفرس، فقال له القاضي : دام علا العماد، وهذا كله مستاغ لا تكلف فيه فلذلك أتى مستملحا جاريا في حدود الطبع، أما ما تكلفوه فقد ضربنا عنه صفحا لأنه لا يمت إلى البلاغة بأي نسب.
٣- في قوله تعالى :« و ثيابك فطهر » إن أريد الثياب الحقيقة الظاهرة على البدن فالكلام جار على الحقيقة وليس فيه شي ء من فنون البلاغة لأن طهارة الثياب شرط في صحة الصلاة ويقبح أن تكون ثياب المؤمن نجسة وإن أريد القلب كان الكلام كناية على حد قول امرئ القيس :
و إن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي
أي قلبي من قلبك وقيل كنى عن النفس بالثياب، قال عنترة :
فشككت بالرمح الطويل ثيابه ليس الكريم عن القنا بمحرم
و قيل كنى بها عن الجسم، قالت ليلى وقد ذكرت إبلا :
رموها بأثواب خفاف فلا نرى لها شبها إلا النعام المنضرا
أي ركبوها فرموها بأنفسهم.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٢ الى ٥٦]
كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦)
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١)
ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)