قلت بحضرة جماعة من الفقهاء : فلان أفضل أهل عصره لكان في الجماعة احتمال لهذا التفضيل وإن لزم اندراجهم في المفضولين ولو عينت واحدا منهم وقلت : فلان أفضل منك لأسرع به الأذى إلى بعضك.
و قال القاضي البيضاوي :« و استدل به على فضل جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام حيث عدّ فضائل جبريل واقتصر على نفي الجنون عنه صلّى اللّه عليه وسلم وهو ضعيف إذ المراد منه ردّ قولهم إنما يعلّمه بشر افترى على اللّه كذبا أم به جنة، لا تعداد فضلهما والموازنة بينهما ».
أما الكرخي فقال :« ثم إنك إذا أمعنت النظر وقفت على أن إجراء تلك الصفات على جبريل في هذا المقام إدماج لتعظيم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأنه بلغ من المكانة وعلو المنزلة عند ذي العرش بأن جعل السفير بينه وبينه مثل هذا الملك المقرّب المطاع الأمين فالقول في هذه الصفات بالنسبة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم رفعة منزلة له كالقول في قوله ذي العرش بالنسبة إلى رفعة منزلة جبريل عليه السلام ».
أما الزمخشري فقد أتى بما لعل جبريل صلوات اللّه عليه ما كان ليرضى به من تقصير في حق البشير النذير بقوله :« و ناهيك بهذا دليلا على مكانة جبريل عليه السلام وفضله على الملائكة ومباينة لمنزلة أفضل الإنس محمد صلّى اللّه عليه وسلم إذا وازنت بين الذكرين حين قرن بينهما وقايست بين قوله : إنه لقول رسول كريم، ذي قوة عند ذي العرش مكين، مطاع ثم أمين وبين قوله : وما صاحبكم بمجنون ».
و قد ردّ ابن المنير كعادته على الزمخشري فقال :« ثم يعود الكلام
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٣٩٩


الصفحة التالية
Icon