٣- وفي قوله « إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم » تقديم الجار والمجرور، والسر فيه التشديد بالوعيد وأن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام وأن حسابهم ليس إلا عليه، وفي العطف بثم للدلالة على التراخي في الرتبة لا في الزمان أي أنه قد يكون مباشرة بعد الإياب ولكن التفاوت بين الموقفين أمر لا تكتنه أهواله ولا يدري أحد مداه ولا يتصوره العقل على الإطلاق ولا يخفى أن الخبر جاء مؤكدا بإن فأتى طلبيا كأنهم، وقد ترددوا، بحاجة إلى تأكيد هذا الأمر الذي أشاحوا عنه ولم يتدبروه.
الفوائد :
١- التصغير ومراميه : أول من تكلم على التصغير الخليل بن أحمد رحمه اللّه، ويكون للتحقير والتعظيم والترحم والتحبّب ولتقليل العدد ولتقريب الزمان وقد جمعها بعضهم بقوله :
فعظم وحقر وقرب زماني ترحم تحبب رزقت الأماني
و أقلل بتصغيرهم يا فتى فما زلت في محفل من معاني
قال ابن خالويه :« العرب تصغّر الاسم على المدح لا تريد به التحقير كقولهم فلان صديّقي إذا كان من أصدق أصدقائه ومن ذلك قول عمر في ابن مسعود « كنيّف ملى ء علما » مدحه بذلك، وقال الأنصاري :
« أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب وحجيرها المؤام » ومن ذلك أن رجلا قال : رأيت الأصيلع عمر بن الخطاب يقبّل الحجر يريد مدحه بذلك ».
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٦٣
و اختلف في قول عمر بن أبي ربيعة في رائيته المشهورة :
و غاب قمير كنت أهوى غروبه وروّح رعيان ونوّم سمّر