و عبارة الزمخشري :« فإن قلت ما معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي اللّه عنهما لن يغلب عسر يسرين وقد روي مرفوعا أنه خرج صلّى اللّه عليه وسلم ذات يوم وهو يضحك ويقول لن يغلب عسر يسرين؟ قلت هذا حمل على الظاهر وبناء على قوة الرجاء وإن موعد اللّه لا يحمل إلا على أو في ما يحتمله اللفظ وأبلغه والقول فيه أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تكريرا للأولى كما كرر قوله ويل يومئذ للمكذبين لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب وكما يكرر المفرد في قولك جاءني زيد زيد، وأن تكون الأولى عدة بأن العسر مردوف بيسر لا محالة والثانية عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر فهما يسران على تقدير الاستئناف وإنما كان العسر واحدا لأنه لا يخلو إما أن يكون تعريفه للعهد وهو العسر الذي كانوا فيه فهو هو لأن حكمه حكم زيد في قولك إن مع زيد مالا إن مع زيد مالا وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد فهو هو أيضا وأما اليسر فنكرة متناولة بعض الجنس وإذا كان الكلام الثاني مستأنفا غير مكرر فقد تناول بعضا غير البعض الأول بغير إشكال فإن قلت : فما المراد باليسرين؟ قلت يجوز أن يراد بهما ما تيسر لهم من
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥١٨
الفتوح في أيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وما تيسر لهم في أيام الخلفاء وأن يراد يسر الدنيا ويسر الآخرة كقوله تعالى : قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين وهما حسنى الظفر وحسنى الثواب فإن قلت ما معنى هذا التنكير؟ قلت التفخيم كأنه قيل : إن مع العسر يسرا عظيما »
.
و قال أبو البقاء :« العسر في الموضعين واحد لأن الألف واللام توجب تكرير الأول وأما يسرا في الموضعين فاثنان لأن النكرة إذا أريد تكريرها جي ء بضميرها أو بالألف واللام ومن هنا قيل لن يغلب عسر يسرين ».


الصفحة التالية
Icon