فأضاف العرفان إلى اليقين وهو أراد عرفانا يقينا وقال آخرون وذلك دين الملّة القيمة وذلك دين الحنيفية القيمة فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كما قال اللّه عزّ وجلّ : واسأل القرية التي كنّا فيها أي اسأل أهلها » (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان مقر الأشقياء وجزاء السعداء، وإن واسمها وجملة كفروا صلة لا محل لها ومن أهل الكتاب والمشركين حال وفي نار جهنم خبر إن وخالدين حال مقدّرة من الضمير المستكن في الخبر وفيها متعلقان بخالدين وأولئك مبتدأ وهم مبتدأ ثان أو ضمير فصل وشرّ البرية خبر هم والجملة خبر إن أو خبر أولئك وقرى ء البرئية في الموضعين فقيل الهمز هو الأصل من برأ اللّه الخلق أي ابتدعه واخترعه فبرئية فعيلة بمعنى مفعوله وقيل البرية بلا همز مشتقة من البرى وهو التراب لأنهم خلقوا منه، قال المعرّي :
و لرب أجساد جديرات البرى بالصون صارت في طلاء جدار
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٤٥
و قيل البرية مخفّفة من المهموز، وعبارة ابن خالويه :« البرية جر بالإضافة والأصل البرئية فتركوا الهمزة تخفيفا وهو من برأ اللّه الخلق واللّه البارئ المصور، حدّثنا إبراهيم بن عرفة قال حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال : حدّثنا محمد بن كثير عن سفيان عن المختار بن فلفل عن أنس قال : جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم وآله فقال له : يا خير البرية فقال : ذلك إبراهيم خليل الرحمن وإنما قاله تواضعا صلّى اللّه عليه وسلم » (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) الجملة مماثلة للأولى في إعرابها تماما، ولابن خالويه كلام نافع في البرية ننقله فيما يلي :« البرية جر بالإضافة قال العجير لنافع بن علقمة :