و قد اهتم النحاة بهذا البيت فأطلقوا على التنوين فيه تنوين الضرورة وليس بذاك، وارجع إن شئت إلى كتبهم. (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) جزاؤهم مبتدأ وعند ربهم ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير في جزاؤهم وجنات عدن خبر وجملة تجري من تحتها الأنهار نعت لجنات وخالدين حال من عامل محذوف تقديره دخولها، ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في جزاؤهم لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي وفيها متعلقان بخالدين وأبدا ظرف زمان لاستغراق المعنى منصوب بخالدين أيضا وجملة رضي اللّه عنهم ورضوا عنه يجوز أن تكون دعائية لا محل لها ويجوز أن تكون خبرا ثانيا وذلك مبتدأ ولمن خبره وجملة خشي ربه صلة لا محل لها أيضا.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٤٧
الفوائد :
لعلّ من المفيد أن نشير هنا إلى معنى رضا العبد عن اللّه وقد أجملها الراغب فقال :« رضا العبد عن اللّه أن لا يكره ما يجري به قضاؤه ورضا اللّه عن العبد هو أن يراه مؤتمرا بأمره ومنتهيا عن نهيه » أما الجنيد فقال :« الرضا يكون على قدر قوة العلم والرسوخ في المعرفة، والرضا حال يصحب العبد في الدنيا والآخرة وليس محلّه محلّ الخوف والرجاء والصبر والإشفاق وسائر الأحوال التي تزول عن العبد في الآخرة بل العبد يتنعم في الجنة بالرضا ويسأل اللّه تعالى حتى يقول لهم :
برضائي أحلّكم داري أي برضائي عنكم »
وقال محمد بن الفضل :
« الروح والراحة في الرضا واليقين والرضا باب اللّه الأعظم ومحل استرواح العابدين ».
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٤٨
(٩٩) سورة الزّلزلة
مدنيّة وآياتها ثمان
[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



الصفحة التالية
Icon