و اختلفا في الحركات سواء كانا من اسمين أو فعلين أو اسم وفعل أو من غير ذلك والغاية فيه قوله تعالى :« و لقد أرسلنا فيهم منذرين، فانظر كيف كان عاقبة المنذرين » ولا يقال إن اللفظين متّحدان في المعنى فلا يكون بينهما تجانس لأنّا نقول المراد بالأول اسم الفاعل وبالثاني اسم المفعول فالاختلاف ظاهر ومنه قوله صلّى اللّه عليه وسلم :« اللّهمّ كما حسنت خلقي فحسّن خلقي » ومثله قولهم جبة البرد جنة البرد ومنه قولهم : رطب الرطب ضرب من الضرب، ومن الشعر قول أبي تمام :
هنّ الحمام فإن كسرت عيافة من خائهنّ فإنهنّ حمام
و مثله قول المعرّي :
و الحسن يظهر في شيئين رونقه بيت من الشعر أو بيت من الشعر
و له أيضا :
لغيري زكاة من جمال فإن تكن زكاة جمال فاذكري ابن سبيل
٤- في قوله « و إنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد » الجناس اللاحق وهو الذي أبدل أحد ركنيه حرف واحد بغيره من غير مخرجه سواء كان الإبدال في الأول أو الوسط أو الآخر وإن كان ما أبدل منه من مخرجه سمي مضارعا، فمثال الإبدال من الأول قوله تعالى :
« ويل لكل همزة لمزة » والآية التي نحن بصددها مثال الإبدال من الوسط، ومثال الإبدال من الآخر قوله تعالى :« و إذا جاءهم أمر من الأمن » ومن الأحاديث على هذا النمط أيضا من الأول قوله عليه السلام :« الحمد للّه الذي حسّن خلقي وزان منّي ما شان من غيري » ومن الثاني حديث الطبراني « لولا رجال ركّع وصبيان رضّع وبهائم رتّع » ومن الثالث حديث الطبراني أيضا « لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٦١
التمايز والتمايل » وحديث الديلمي أيضا « أحب المؤمنين إلى اللّه من نصّب نفسه في طاعة اللّه ونصح لأمة محمد » ومن الأمثلة الشعرية على هذا الترتيب المذكور أيضا قول أبي فراس :
إن الغني هو الغني بنفسه ولو أنه عاري المناكب حافي
ما كل ما فوق البسيطة كافيا وإذا قنعت فكل شي ء كافي
و من الثاني قول البحتري :