بل التعجب وما اسم استفهام مبتدأ وما بعده خبر والمعنى أي شي ء يبعثه الصبح منه وأي شي ء يردّه الليل ولا بدّ من تقدير منه التجريدية يعني أنه كان يغدو في طلب الغارة ويرجع في الليل ظافرا وما في الموضعين من الاستفهام معناه التعجب والاستعظام وإسناد الفعل للصبح والليل مجاز (نارٌ حامِيَةٌ) نار خبر لمبتدأ محذوف أي هي وحامية نعت. هذا ويكثر حذف المبتدأ في جواب الاستفهام وبعد فاء الجواب وبعد القول.
البلاغة :
١- في قوله « القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة » فن التكرير والمراد به تهويل شأنها وتفخيم لفظاعتها، وقد تقدم بحثه كثيرا.
٢- وفي قوله « يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش » تشبيهان رائعان وهو تشبيه مرسل مجمل لأن وجه الشبه حذف ففي الأول وجوه الشبه كثيرة منها :
١- الطيش الذي لحقهم ٢- وانتشارهم في الأرض ٣- وركوب بعضهم بعضا ٤- الكثرة التي لا غناء فيها ٥- والضعف والتذلل وإجابة الداعي من كل جهة ٦- والتطاير إلى النار للاحتراق من حيث لا تريد الاحتراق.
أما تشبيه الجبال بالعهن المنفوش فهو أيضا تشبيه مرسل مجمل، وأوجه الشبه كثيرة أيضا منها :
١- تفتتها وانهيارها ٢- وصيرورتها كالعهن ٣- ثم صيرورتها كالهباء. وقد تشبث الشعراء بهذه المعاني فقال جرير يهجو الفرزدق :
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٦٦
أبلغ بني وقبان أن حلومهم خفّت فما يزنون حبة خردل
أزرى بحلمكم الفياش فأنتم مثل الفراش غشين نار المصطلي
و قال أبو العلاء المعرّي في رثاء والده :
فيا ليت شعري هل يخف وقاره إذا صار أحد في القيامة كالعهن
و هل يرد الحوض الرويّ مبادرا مع الناس أم يأبى الزحام فيستأني
و أولها :
نقمت الرضا حتى على ضاحك المزن فلا جادني إلا عبوس من الدّجن
و ليت فمي إن شاء سنى تبسمي فم الطعنة النجلاء تدمى بلا سن