الصيف إلى الشام فيمتارون ويتجرون وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم اللّه وسدنة بيته فيهابهم الناس ولا يتعرض لهم أحد بينما كان المتجرون وأرباب القوافل يستهدفون للمخاطر ويتخطفهم الناس. تقول آلفت المكان أولفه إيلافا إذا ألفته فأنا مولف قال :
شددت إليك الرحيل فوق شملة من المؤلفات الرهو غير الأوارك
و الشملال بالتشديد الناقة الخفيفة السريعة السير أي شددت الرحل فوق ناقة سريعة السير ذاهبا إليك وتلك الناقة من النوق المؤلفات المعتادات الرهو أي السير السهل المستقيم، ويروى الزهو بالزاي وهو سيرها بعد ورودها الماء والأوارك جمع آركة وهي المقيمات موضع الأراك ترعاه أو ترعى نبتا آخر يقال له الحمض أي ليست ناقتي كذلك بل هي معلوفة ومعدّة للسفر، وينسب هذا القول الذي اخترناه إلى الخليل بن أحمد وناهيك به، وأورده الزمخشري فيما أورده من أوجه وبدأ به ولكن يرد عليه إشكال وهو دخول الفاء على فليعبدوا قال الزمخشري :« فإن قلت :« فلم دخلت الفاء؟ قلت لما في الكلام من معنى الشرط لأن المعنى إما لا فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة ». وبدأ الشهاب السمين بقوله :« في متعلق هذه الآية أوجه :
أحدها أنه ما في السورة قبلها من قوله فجعلهم كعصف مأكول قال الزمخشري وهذا بمنزلة التضمين في الشعر وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصحّ إلا به وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل وعن عمر أنه قرأهما في الركعة الثانية من المغرب وقرأ في الأولى بسورة والتين، وإلى هذا ذهب أبو الحسن الأخفش إلا أن الحوفي قال :
و ردّ هذا القول جماعة بأنه لو كان كذلك لكان لإيلاف بعض سورة ألم تر، وفي إجماع الجميع على الفصل بينهما ما يدل على عدم ذلك » وأقول : لقد اتفق علماء البلاغة ونقّاد الشعر القدامى على أن التضمين
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٩٠