أي تروق كل أفنان العضاة. هم ضمير جمع غائب مذكر عاقل، ويكون في موضع رفع ونصب وجر. وحكى اللغويون في عليهم عشر لغات ضم الهاء، وإسكان الميم، وهي قراءة حمزة. وكسرها وإسكان الميم، وهي قراءة الجمهور. وكسر الهاء والميم وياء بعدها، وهي قراءة الحسن. وزاد ابن مجاهد أنها قراءة عمر بن فائد وكذلك بغير ياء، وهي قراءة عمرو بن فائد. وكسر الهاء وضم الميم واو بعدها، وهي قراءة
٢٦
ابن كثير، وقالون بخلاف عنه. وكسر الهاء وضم الميم بغير واو وضم الهاء والميم وواو بعدها، وهي قراءة الأعرج والخفاف عن أبي عمرو. وكذلك بدون واو وضم الهاء وكسر الميم بياء بعدها. كذلك بغير ياء. وقرىء بهما، وتوضيح هذه القراءآت بالخط والشكل : عليهم، عليهم عليهموا، عليهمي، عليهم، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهموا. وملخصها ضم الهاء مع سكون الميم، أو ضمها بإشباع، أو دونه، أو كسرها بإشباع، أو دونه وكسر الهاء مع سكون الميم، أو كسرها بهشباع، أو دونه، أو ضمها بإشباع، أو دونه، وتوجيه هذه القراءآت ذكر في النحو. اهدنا صورته صورة الأمر، ومعناه الطلب والرغبة، وقد ذكر الأصوليون لنحو هذه الصيغة خمسة عشر محملاً، وأصل هذه الصيغة أن تدل على الطالب، لا على فور، ولا تكرار، ولا تحتم، وهل معنى اهدنا ارشدنا، أو وفقنا، أو قدمنا، أو ألهمنا، أو بين لنا أو ثبتنا ؟ أقوال أكثرها عن ابن عباس، وآخرها عن علي وأُبي. وقرأ ثابت البناني بصرنا الصراط، ومعنى الصراط القرآن، قاله علي وابن عباس : وذكر المهدوي أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه فسره بكتاب الله أو الإيمان وتوابعه، أو الإسلام وشرائعه، أو السبيل المعتدل، أو طريق النبي صلى الله عليه وسلّم، وأبي بكر وعمر، قاله أبو العالية والحسن، أو طريق الحج، قاله فضيل بن عياض، أو السنن، قاله عثمان، أو طريق الجنة، قاله سعيد بن جبير، أو طريق السنة والجماعة، قاله القشيري، أو طريق الخوف والرجاء، قاله الترمذي، أو جسر جهنم، قاله عمرو بن عبيد.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤
وروي عن المتصوفة في قوله تعالى :﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أقوال، منها : قول بعضهم :﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ بالغيبوبة عن الصراط لئلا يكون مربوطاً بالصراط، وقول الجنيد أن سؤال الهداية عند الحيرة من أشهار الصفات الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية لئلا يستغرقوا في الصفات الأزلية. وهذه الأقوال ينبو عنها اللفظ، ولهم فيما يذكرون ذوق وإدراك لم نصل نحن إليه بعد. وقد شحنت التفاسير بأقوالهم، ونحن نلم بشيء منها لئلا يظن أنا إنما تركنا ذكرها لكوننا لم نطلع عليها. وقد رد الفخر الرازي على من قال إن الصراط المستقيم هو القرآن أو الإسلام وشرائعه، قال : لأن المراد صراط الذين أنعمت عليهم من المتقدمين ولم يكن لهم القرآن ولا الإسلام، يعني بالإسلام هذه الملة الإسلامية المختصة بتكاليف لم تكن تقدمتها. وهذه الرد لا يتأتى له إلا إذا صح أن الذين أنعم الله عليهم هم متقدمون، وستأتي الأقاويل في تفسير الذين أنعم الله عليهم، واتصال نا باهد مناسب لنعبد ونستعين لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو ومن معه يعبدون الله ويستعينونه سأل له ولهم الهداية إلى الطريق الواضح، لأنهم بالهداية إليه تصح منهم العبادة. ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده ؟ وقرأ الحسن، والضحاك : صراطاً مستقيماً دون تعريف. وقرأ جعفر الصادق : صراط مستقيم بالإضافة، أي الدين المستقيم. فعلى قراءة الحسن والضحاك يكون صراط الذين بدل معرفة من نكره، كقوله تعالى :﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ﴾، وعلى قراءة الصادق وقراءآت الجمهور تكون بدل معرفة من معرفة صراط الذين بدل شيء من شيء، وهما بعين واحدة، وجيء بها للبيان لأنه لما ذكر قبل ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ كان فيه بعض إبهام، فعينه بقوله :﴿صِرَاطَ الَّذِينَ﴾ ليكون المسؤول الهداية إليه، قد جرى ذكره مرتين، وصار بذلك البدل فيه حوالة على طريق من أنعم الله عليهم، فيكون ذلك أثبت وأوكد، وهذه هي فائدة نحو هذا البدل، ولأنه على تكرار العامل، فيصير في التقدير جملتين، ولا يخفى ما في الجملتين من التأكيد، فكأنهم كرر واطلب الهداية.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤
ومن غريب القول أن الصراط الثاني ليس الأول، بل هو غيره، وكأنه قرىء فيه حرف العطف، وفي تعيين ذلك اختلاف. قيل هو العلم بالله والفهم عنه، قاله جعفر بن محمد،
٢٧


الصفحة التالية
Icon