وزعم الكسائي أن العرب لا تستعمل من نكرة موصوفة إلا بشرط وقوعها في موضع لا يقع فيه إلا النكرة، وزعم هو وأبو الحسن الهنائي أنها تكون زائدة، وقال الجمهور : لا تزاد. وتقع من على العاقل المعدوم الذي لم يسبقه وجود، تتوهمه، موجوداً خلافاً لبشر المريسي، وفاقاً للقراء، وصححه أصحابنا. فأما قول العرب : أصبحت كمن لم يخلق فنزيد : كمن قد مات، وأكثر المعربين للقرآن متى صلح عندهم تقدير ما أو من بشيء جوزوا فيها أن تكون نكرة موصوفة، وإثبات كون ما نكرة موصوفة يحتاج إلى دليل، ولا دليل قاطع في قولهم : مررت بما معجب لك لإمكان الزيادة، فإن اطرد ذلك في الرفع والنصب من كلام العرب، كان سرني ما معجب لك وأحببت ما معجباً لك، كان في ذلك تقوية لما دعى النحويون من ذلك، ولو سمع لأمكنت الزيادة أيضاً لأنهم زادوا ما بين الفعل ومرفوعه والفعل ومنصوبه. الزيادة أمر ثابت لما، فإذا أمكن ذلك فيها فينبغي أن يحمل على ذلك ولا يثبت لها معنى إلا بدليل قاطع. وأمعنت الكلام في هذه المسألة بالنسبة إلى ما يقع في هذا الكتاب من علم النحو لما ينبني على ذلك في فهم القرآن.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١
القول : هو اللفظ الموضوع لمعنى وينطلق على اللفظ الدال على النسبة الإسنادية، وهو الكلام وعلى الكلام النفساني، ويقولون في أنفسهم :﴿لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ﴾، وتراكيبه الست تدل على معنى الخفة والسرعة، وهو متعد لمفعول واحد، فإن وقعت جملة محكية كانت في موضع المفعول، وللقول فصل معقود في النحو. الخداع : قيل إظهار غير ما في النفس، وأصله الإخفاء، ومنه سمي البيت المفرد في المنزل مخدعاً لتستر أهل صاحب المنزل فيه، ومنه الأخدعان : وهما العرقان المستبطنان في العنق، وسمي الدهر خادعاً لما يخفي من غوائله، وقيل الخدع أن يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه، من قولهم : ضب خادع وخدع إذا أمر الحارث، وهو صائد الضب، يده على باب حجره أوهمه إقباله عليه ثم خرج من باب آخر، وهو راجع إلى معنى القول الأول، وقيل أصله الفساد، من قول الشاعر :
أبيض اللون لذيذ طعمهطيب الريق إذا الريق خدع
أي فسد. إلا : حرف، وهو أصل لذوات الاستثناء، وقد يكون ما بعده وصفاً، وشرط الوصف به جواز
٥٢
صلاحية الموضع للاستثناء. وأحكام إلا مستوفاة في علم النحو. النفس : الدم، أو النفس : المودع في الهيكل القائم به الحياة، والنفس، الخاطر، ما يدري أي نفسيه يطيع، وهل النفس الروح أم هي غيره ؟ في ذلك خلاف. وفي حقيقة النفس خلاف كثير ومجمع على أنفس ونفوس، وهما قياس فعل الإسم الصحيح العين في جميعه القليل والكثير. الشعور : إدراك الشيء من وجه يدق مشتق من الشعر، والإدراك بالحاسة مشتق من الشعار، وهو ثوب بلى الجسد ومشاعر الإنسان حواسه.
﴿فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمُا بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾، المرض : مصدر مرض، ويطلق في اللغة على الضعف والفتور، ومنه قيل : فلان يمرض الحديث أي يفسده ويضعفه. وقال ابن عرفة : المرض في القلب : الفتور عن الحق، وفي البدن : فتور الأعضاء، وفي العين : فتور النظر، ويطلق ويراد به الظلمة، قال :
في ليلة مرضت من كل ناحيةفما يحس به نجم ولا قمر
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١


الصفحة التالية
Icon