والاعتمار : الزيارة. وقيل : القصد، ثم صار الحج والعمرة علمين لقصد البيت وزيارته للنسكين المعروفين، وهما في المعاني : كالبيت والنجم في الأعيان. وقد تقدّمت هاتان المادّتان في يحاجوكم وفي يعمر. الجناح : الميل إلى المأثم، ثم أطلق على الإثم. يقال : جنح إلى كذا جنوحاً : مال، ومنه جنح الليل : ميله بظلمته، وجناح الطائر. تطوّع : تفعل من الطوع، وهو الانقياد. الليل : قيل هو اسم جنس، مثل : تمرة وتمر، والصحيح أنه مفرد، ولا يحفظ جمعاً لليل، وأخطأ من ظنّ أن الليالي جمع الليل، بل الليالي جمع ليلة، وهو جمع غريب، ونظيره : كيكه والكياكي، والكيكة : البيضة، كأنهم توهموا أنهما ليلاه وكيكاه، ويدل على هذا التوهم قولهم في تصغير ليلة : لييلية، وقد صرحوا بليلاه في الشعر، قال الشاعر :
في كل يوم وبكل ليلاة
على أنه يحتمل أن تكون هذه الألف إشباعاً نحو :
أعوذ باللَّه من العقراب
وقال ابن فارس : بعض الطير يسمى ليلاً، ويقال : إنه ولد الحبارى. وأما النهار : فجمعه نهر وأنهرة، كقذل وأقذلة، وهما جمعان مقيسان فيه. وقيل : النهار مفرد لا يجمع لأنه بمنزلة المصدر، كقولك : الضياء يقع على القليل والكثير، وليس بصحيح. قال الشاعر :
لولا الثريدان هلكنا بالضمرثريد ليل وثريد بالنهر
ويقال : رجل نهر، إذا كان يعمل في النهار، وفيه معنى النسب. قالوا : والنهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلّم لعدي :"إنما هو بياض النهار وسواد الليل"، يعني في
٤٥٤
قوله تعالى :﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾. وظاهر اللغة أنه من وقت الأسفار. وقال النضر بن شميل : ويغلب أول النهار طلوع الشمس. زاد النضر : ولا يعد ما قبل ذلك من النهار. وقال الزجاج، في (كتب الأنواء) : أول النهار ذرور الشمس، واستدل بقول أمية بن أبي الصلت :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٥٣
والشمس تطلع كل آخر ليلةحمراء يصبح لونها يتورد
وقال عدي بن زيد :
وجاعل الشمس مصراً لا خفاء بهبين النهار وبين الليل قد فصلا
والمصر : القطع. وأنشد الكسائي :
إذا طبعت شمس النهار فإنهاأمارة تسليمي عليك فودّعي
وقال ابن الأنباري : من طلوع الشمس إلى غروبها نهار، ومن الفجر إلى طلوعها مشترك بين الليل والنهار. وقد تقدمت مادّة نهر في قوله :﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ﴾. الفلك : السفن، ويكون مفرداً وجمعاً. وزعموا أن حركاته في الجمع ليست حركاته في المفرد، وإذا استعمل مفرد ثني، قالوا : فلكان. وقيل : إذا أريد به الجمع، فهو اسم جمع، والذي نذهب إليه أنه لفظ مشترك بين المفرد والجمع، وأن حركاته في الجمع حركاته في المفرد، ولا تقدر بغيرها. وإذا كان مفرداً فهو مذكر، كما قال :﴿فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾. وقالوا : ويؤنث تأنيث المفرد، قال :﴿وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى﴾، ولا حجة في هذا، إذ يكون هنا استعمل جمعاً، فهو من تأنيث الجمع، والجمع بوصف بالتي، كما توصف به المؤنثة. وقيل : واحد الفلك، فلك، كأسُد وأَسَد، وأصله من الدوران، ومنه : فلك السماء الذي تدور فيه النجوم، وفلكة المغزل، وفلكة الجارية : استدرار نهدها. بث : نشر وفرق وأظهر. قال الشاعر :
وفي الأرض مبثوثاً شجاع وعقرب
ومضارعه : يبث، على القياس في كل ثلاثي مضعف متعد أنه يفعل إلاّ ما شذ. الدابة : اسم لكل حيوان، ورد قول من أخرج منه الطير بقول علقمة :
كأنهم صابت عليهم سحابةصواعقها لطيرهنّ دبيب
ويقول الأعشى :
دبيب قطا البطحاء في كل منهل
وفعله : دب يدب، وهذا قياسه لأنه لازم، وسمع فيه يدب بضم عين الكلمة، والهاء في الدابة للتأنيث، إما على معنى نفس دابة، وإما للمبالغة، لكثرة وقوع هذا الفعل، وتطلق على الذكر والأنثى. التصريف : مصدر صرف، ومعناه : راجع للصرف، وهو الرد. صرفت زيداً عن كذا : رددته. الرياح : جمع ريح، جمع تكسير، وياؤه واو لأنها من راح يروح، وقلبت ياء لكسرة ما قبلها، وحين زال موجب القلب، وهو الكسر، ظهرت الواو، وقالوا : أرواح، كجمع الروح. قال الشاعر :
أريت بها الأرواح كل عشيةفلم يبق إلا آل نؤي منضد
قال ابن عطية : وقد لحن في هذه اللفظة عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، فاستعمل الأرياح في شعره، ولحن في ذلك. وقال أبو حاتم : إن الأرياح لا يجوز، فقال له عمارة : ألا تسمع قولهم : رياح ؟ فقال له أبو حاتم : هذا خلاف ذلك، فقال له : صدقت ورجع. انتهى. وفي محفوظي قديماً أن الأرياح جاءت في شعر بعض فصحاء العرب الذين يستشهد بكلامهم، كأنهم بنوه على المفرد، وإن كانت علة القلب مفقودة في الجمع، كما قالوا : عيد وأعياد، وإنما ذلك من العود، لكنه لما لزم البدل جعله كالحرف الأصلي. والسحاب : اسم جنس، المفرد سحابة، سمي بذلك لأنه ينسحب، كما يقال له : حبي، لأنه يحبو، قاله أبو علي. التسخير : هو
٤٥٥


الصفحة التالية
Icon