التذليل وجعل الشيء داخلاً تحت الطوع. قال الراغب : التسخير : القهر على الفعل، وهو أبلغ من الإكراه. الحب : مصدر حب يحب، وقياس مضارعه يحب بالضم، لأنه من المضاعف المتعدي، وقياس المصدر الحب بفتح الحاء، ويقال : أحب، بمعنى : حب، وهو أكثر منه، ومحبوب أكثر من محب، ومحب أكثر من حاب، وقد جاء جمع الحب لاختلاف أنواعه، قال الشاعر :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٥٣
ثلاثة أحباب فحب علاقةوحب تملاق وحب هو القتل
والحب : إناء يجعل فيه الماء. الجميع : فعيل من الجمع، وكأنه اسم جمع، فلذلك يتبع تارة بالمفرد :﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾، وتارة بالجمع :﴿جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾، وينتصب حالاً : جاء زيد وعمرو جميعاً، ويؤكد به بمعنى كلهم : جاء القوم جميعهم، أي كلهم، ولا يدل على الاجتماع في الزمان، إنما يدل على الشموال في نسبة الفعل. تبرأ : تفعل، من قولهم : برئت من الدين. براءة : وهو الخلوص والانفصال والبعد. تقطع : تفعل من القطع، وهو معروف. الأسباب : جمع سبب، وهو الوصلة إلى الموضع، والحاجة من باب، أو مودة، أو غير ذلك. قيل : وقد تطلق الأسباب على الحوادث، قال الشاعر :
ومن هاب أسباب المنية يلقهاولو رام أسباب السماء بسلم
وأصل السبب : الحبل، وقيل : الذي يصعد به، وقيل : الرابط الموصل. الكرّة : العودة إلى الحالة التي كان فيها، والفعل كريكر كراً، قال الشاعر :
أكر على الكتيبة لا أباليأحتفي كان فيها أم سواها
الحسرة : شدة الندم، وهو تألم القلب بانحساره عن مأموله..
﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ﴾، سبب النزول : أن الأنصار كانوا يحجون لمناة، وكانت مناة خزفاً وحديداً، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا، فأنزلت. وخرّج هذا السبب في الصحيحين وغيرهما. وقد ذكر في التحرّج عن الطواف بينهما أقوال. مناسبة هذه الآية لما قبلها : أن الله تعالى لما أثنى على الصابرين، وكان الحج من الأعمال الشاقة المفنية للمال والبدن وكان أحد أركان الإسلام، ناسب ذكره بعد ذلك. والصفا والمروة، كما ذكرنا، قيل : علمان لهذين الجبلين، والأعلام لا يلحظ فيها تذكير اللفظ ولا تأنيثه. ألا ترى إلى قولهم : طلحة وهند ؟ وقد نقلوا أن قوماً قالوا : ذكّر الصفا، لأن آدم وقف عليه، وأنثت المروة، لأن حوّاء وقفت عليها. وقال الشعبي : كان على الصفا صنم يدعى إسافا، وعلى المروة صنم يدعى نائلة، فاطرد ذلك في التذكير والتأنيث، وقدم المذكر. نقل القولين ابن عطية : ولولا أن ذلك دوّن في كتاب ما ذكرته. ولبعض الصوفية وبعض أهل البيت كلام منقول عنهم في الصفا والمروة، رغبنا عن ذكره. وليس الجبلان لذاتهما من شعائر الله، بل ذلك على حذف مضاف، أي إن طواف الصفا والمروة، ومعنى من شعائر الله : معالمه. وإذا قلنا : معنى من شعائر الله من مواضع عبادته، فلا يحتاج إلى حذف مضاف في الأول، بل يكون ذلك في الجر. ولما كان الطواف بينهما ليس عبادة مستقلة، إنما يكون عبادة إذا كان بعض حج أو عمرة. بين تعالى ذلك بقوله :﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ﴾، ومن شرطية. ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾، قرأ الجمهور : أن يطوّف. وقرأ أنس وابن عباس وابن سيرين وشهر : أن لا، وكذلك هي في مصحف أبي وعبد الله، وخرج ذلك على زيادة لا، نحو :﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا﴾ ؟ وقوله :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٥٣
وما ألوم البيض أن لا تسخراإذا رأين الشمط القفندرا
فتتحد معنى القراءتين، ولا يلزم ذلك، لأن رفع الجناح في فعل الشيء هو رفع في تركه، إذ هو تخيير بين
٤٥٦


الصفحة التالية
Icon