﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ﴾ : الضمير في لهم عائد على كفار العرب، لأن هذا كان وصفهم، وهو الاقتداء بآبائهم، ولذلك قالوا لأبي طالب، حين احتضر : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ذكروه بدين أبيه ومذهبه. وقال ابن عباس : نزلت في اليهود، فعلى هذا يكون الضمير عائداً على غير مذكور، وهم أشد الناس اتباعاً لأسلافهم. وقيل : هو عائد على من، من قوله :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا﴾، وهو بعيد. وقال الطبري : هو عائد على الناس من قوله :﴿النَّارِ * يَـا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا ﴾ وهذا هو الظاهر، ويكون ذلك من باب الالتفات، وحكمته أنهم أبرزوا في صورة الغائب الذي يتعجب من فعله، حيث دعي إلى اتباع شريعة الله التي هي الهدى والنور. فأجاب باتباع شريعة أبيه، وكأنه يقال : هل رأيتم أسخف رأياً وأعمى بصيرة ممن دعى إلى اتباع القرآن المنزل من عند الله، فرد ذلك وأضرب عنه ؟ وأثبت أنه يتبع ما وجد عليه أباه ؟ وفي هذا دلالة على ذم التقليد، وهو قبول الشيء بلا دليل ولا حجة. وحكى ابن عطية أن الإجماع منعقد على إبطاله في العقائد. وفي الآية دليل على أن ما كان عليه آباؤهم هو مخالف لما أنزل الله، فاتباع أبنائهم لآبائهم تقليد في ضلال. وفي هذا دليل على أن دين الله هو اتباع ما أنزل الله، لأنهم لم يؤمروا إلا به. والمراد بقوله : وإذا، التكرار. وبنى قيل لما لم يسم فاعله، لأنه أخصر، لأنه لو ذكر الآمرون لطال الكلام، لأن الآمر بذلك هو الرسول ومن يتبعه من المؤمنين. وفي قوله :﴿أَنزَلَ اللَّه وَلا﴾ إعلام بتعظيم ما أمروهم باتباعه أن نسب إنزاله إلى الله الذي هو المشرّع للشرائع، فكان ينبغي أن يتلقى بالقبول ولا يعارض باتباع آبائهم رؤوس الضلالة. وأدغم الكسائي لام بل في نون نتبع، وأظهر ذلك غيره. وبل هنا عاطفة جملة على جملة محذوفة، التقدير : لا نتبع ما أنزل الله، ﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ﴾. ولا يجوز أن يعطف على قوله :﴿اتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾. وعليه متعلق بقوله : ألفينا، وليست هنا متعدية إلى اثنين، لأنها بمعنى وجد، التي بمعنى أصاب.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٧٧
﴿ءَابَآؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ﴾ : الهمزة للاستفهام المصحوب بالتوبيخ والإنكار والتعجب من حالهم، وأما الواو بعد الهمزة، فقال الزمخشري : الواو للحال، ومعناه : أيتبعونهم، ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً من الدين ولا يهتدون للصواب ؟ وقال ابن عطية : الواو لعطف جملة كلام على
٤٨٠


الصفحة التالية
Icon