قيل : وتضمنت هذه الآية من فنون الفصاحة أنواعاً : الزيادة في البناء في قوله : هنالك، وقد ذكرت فائدته و: التكرار، في ربه : قال رب، وفي أن الله يبشرك، وبكلمة من الله. وفي آية قال : آيتك، وفي : يكون لي غلام كانت وتأنيث المذكر حملاً على اللفظ. وفي : ذرية طيبة، و: الإسناد المجازي في : وقد بلغني الكبر، والسؤال والجواب : قال رب أني ؟ قال كذلك قال رب، اجعل لي آية. قال : آيتك.
قال أرباب الصناعة : أحسن هذا النوع ما كثرت فيه القلقلة والحذف في مواضع.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٣٢
القلم : معروف وهو الذي يكتب به، وجمعه أقلام ويقع على السهم الذي يقترع به، وهو فعل بمعنى مفعولاً لأنه يقلم أي : يبرى ويسوى وقيل : هو مشتق من القلامة، وهي نبت ضعيف لترقيقه، والقلامة أيضاً ما سقط من الظفر إذا قلم، وقلمت أظفاره أخذت منها وسويتها قال زهير :
لدى أسد شاكي السلاح مقذفله لبد أظفاره لم تقلم
وقال بعض المولدين :
يشبه بالهلال وذاك نقصقلامة ظفره شبه الهلال
الوحي : إلقاء المعنى في النفس في خفاء، فقد يكون بالملك للرسل وبالإلهام كقوله :﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ وبالإشارة كقوله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥٤
لأوحت إلينا والأنامل رسلها
﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا ﴾ وبالكتابة : قال زهير :
أتى العجم والآفاق منه قصائدبَقِينَ بقاء الوَحْيِ في الحَجَرِ أَلاصَمّ والوحي : الكتاب قال :
فمدافع الرّيان عرّى رسمهاخلقا كما ضمن الوحيّ سلامها
وقيل : الوحي جمع : وحي، وأما الفعل فيقال أوحى ووحى.
المسيح : عبراني معرب، وأصله بالعبراني مشيحاً، بالشين عرب بالسين كما غيرت في موشى، فقيل : موسى، قاله أبو عبيد وقال الزمخشري : ومعناه المبارك، كقوله ﴿وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ﴾ وهو من الألقاب المشرّفة، كالصدّيق، والفاروق، انتهى. وقيل : المسيح عربي، واختلف : أهو مشتق من السياحة فيكون وزنه مفعلاً ؟ أو من المسيح فيكون وزنه فعيلاً ؟ وهل يكون بمعنى مفعول أو فاعل خلاف، ويتبين في التفسير لم سمي بذلك.
الكهل : الذي بلغ سن الكهولة وآخرها ستون وقيل : خمسون وقيل : اثنان وخمسون، ثم يدخل
٤٥٤
سن الشيخوخة.
واختلف في أوّلها فقيل : ثلاثون وقيل : اثنان وثلاثون وقيل : ثلاثة وثلاثون. وقيل : خمسة وثلاثون وقيل : أربعون عاماً.
وهو من اكتهل النبات إذا قوي وعلا، ومنه : الكاهل، وقال ابن فارس : اكتهل الرجل وخطه الشيب، من قولهم : اكتهلت الروضة إذا عمها النور، ويقال للمرأة : كهلة. انتهى.
ونقل عن الأئمة في ترتيب سن المولود وتنقل أحواله : أنه في الرحم : جنين، فإذا ولد : فوليد، فإذا لم يستتم الأسبوع : فصديع، وإذا دام يرضع : فرضيع، وإذا فطم : ففطيم، وإذا لم يرضع : فجحوش، فإذا دب ونما : فدارج، فإذا سقطت رواضعه : فمثغور، فإذا نبتت بعد السقوط : فمتغر، بالتاء والثاء. فإذا كان يجاوز العشر : فمترعرع وناشيء، فإذا كان يبلغ الحلم : فيافع، ومراهق، فإذا احتلم : فمحزور، وهو في جميع هذه الأحوال : غلام. فإذا اخضر شاربه وسال عذاره : فباقل، فإذا صار ذاقناً : ففتى وشارخ، فإذا كملت لحيته : فمجتمع، ثم ما دام بين الثلاثين والأربعين : فهو شاب، ثم هو كهل : إلى أن يستوفي الستين. هذا هو المشهور عند أهل اللغة.
الطين : معروف، ويقال طانه الله على كذا، وطامه بابدال النون ميماً، جبله وخلقه على كذا، ومطين لقب لمحدث معروف.
الهيئة : الشكل والصورة، وأصله مصدر يقال : هاء الشيء بهاء هيأ وهيئة إذا ترتب واستقر على حال مّا، وتعديه بالتضعيف، فتقول : هيأته، قال ﴿اللَّهُ لَكُمْ﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥٤
النفخ : معروف.
الإبراء : إزالة العلة والمرض، يقال : برىء الرجل وبرأ من المرض، وأما من الذنب ومن الدّين فبريء.
الكمه : العمى يولد به الإنسان وقد يعرض، يقال : كمه يكمه كمهاً : فهو أكمه. وكمهتها أنا أعميتها قال سويد :.
كمهت عيناه حتى ابيضتا
وقال رؤبة.
فارتد عنها كارتداد الأكمه
البرص : داء معروف وهو بياض يعتري الجلد، يقال منه : برص فهو أبرص، ويسمى القمر أبرص لبياضه، والوزغ سام أبرص للبياض الذي يعلو جلده.
ذخر : الشيء يذخره خبأه، والذخر المذخور قال :
لها أشارير من لخم تثمرهمن الثعالي وذخر من أرانبها
﴿وَإِذْ قَالَتِ الملائكة يَـامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَـاكِ﴾ لما فرغ من قصة زكريا، وكان قد استطرد من قصة مريم إليها، رجع إلى قصة مريم، وهكذا عادة أساليب العرب، متى ذكروا شيئاً استطردوا منه إلى غيره ثم عادوا إلى الأول إن كان لهم غرض في العود إليه، والمقصود تبرئة مريم عن ما رمتها به اليهود، وإظهار استحالة أن يكون عيسى إلهاً، فذكر ولادته.
وظاهر قوله الملائكة أنه جمع من الملائكة وقيل : المراد جبريل ومن معه من الملائكة، لأنه نقل أنه : لا ينزل لأمر إلاَّ ومعه جماعة من الملائكة وقيل : جبريل وحده.