وقال السجاوندي : وقرأ الأعمش : ان يؤتى، و: الحسن : ان يؤتى أحداً، جعلا : أن، نافية، وإن لم تكن بعد إلاَّ كقوله تعالى :﴿فِيمَآ إِن مَّكَّنَّـاكُمْ﴾ و: أو، بمعنى : إلاَّ إن، وهذا يحتمل قول الله عز وجل، ومع اعتراض : قل، قول اليهود. انتهى.
وفي معنى : الهدى، هنا قولان : أحدهما : ما أوتيه المؤمنون من التصديق برسول الله صلى الله عليه وسلّم. والثاني : التوفيق والدلالة إلى الخير حتى يسلم، أو يثبت على الإسلام.
ويحتمل : عند ربكم، وجهين : أحدهما : أن ذلك في الآخرة. والثاني : عند كتب ربكم الشاهدة عليكم ولكم، وأضاف ذلك إلى الرب تشريفاً، وكان المعنى : أو يحاجوكم عند الحق، وعلى هذين المعنيين تدور تفاسير الآية، فيحمل كل منها على ما يناسب من هذين المعنيين.
﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ﴾ هذا توكيد لمعنى ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ وفي ذلك تكذيب لليهود حيث قالوا : شريعة موسى مؤبدة ولن يؤتى الله أحداً مثل ما أوتي بنو إسرائل من النبوّة، فالفضل هو بيد الله. أي : متصرّف فيه كالشيء في اليد، وهذه كناية عن قدرة التصرّف والتمكن فيها والباري تعالى منزه عن الجارحة. ثم أخبر بأنه يعطيه من أراد، فاختصاصه بالفضل من شاء، إنما سببه الإرادة فقط، وفسر : الفضل، هنا بالنبوّة دهواكم والنبوة أشرف أفراده.
﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ تقدّم تفسيره.
﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِا مَن يَشَآءُ﴾ قال الحسن، ومجاهد، والربيع : يفرد بنبوّته من يشاء. وقال ابن جريج : بالإسلام والقرآن. وقال ابن عباس، ومقاتل : الإسلام. وقيل : كثرة الذكر لله تعالى.
﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ تقدّم تفسير هذا وتفسير ما قبله في آخر آية :﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ﴾ وتضمنت هذه الآيات من البديع : التجنيس المماثل، والتكرار في : آمنوا وآمنوا، وفي الهدى، هدى الله وفي : يؤتى وأوتيتم، وفي : ان افضل، وذو الفضل والتكرار أيضاً في : اسم الله، في أربعة مواضع. والطباق : في آمنوا واكفروا، وفي وجه النهار وفي آخره، والإختصاص. في : وجه النهار، لأنه وقت اجتماعهم بالمؤمنين يراؤونهم، وآخره لأنه وقت خلوتهم بأمثالهم من الكفار، والحذف في مواضع.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩٣
٤٩٧
الدينار : معروف وهو أربعة وعشرون قيراماً، والقيراط : ثلاث حبات من وسط الشعير، فمجموعه : اثنتان وسبعون حبة، وهو مجمع عليه. وفاؤه بدل من نون، يدل على ذلك الجمع، قالوا : دنانير، وأصله : دنار، أبدل من أول المثلين، كما أبدلوا من النون في ثالث الأمثال ياءً في : تظنيت. أصله تظننت، لأنه من الظن، وهو بدل مسموع، والدينار : لفظ أعجمي تصرّفت فيه العرب وألحقته بمفردات كلامها.
دام : ثبت، والمضارع : يدوم، فوزنه، فعل نحو قال : يقول، قال الفراء : هذه لغة الحجاز وتميم، تقول : دِمت، بكسر الدال. قال : ويجتمعون في المضارع، يقولون : يدوم. وقال أبو إسحاق يقول : دمت تدام، مثل : نمت تنام، وهي لغة، فعلى هذا يكون وزن دام، فعل بكسر العين، نحو : خاف يخاف. والتدويم الاستدارة حول الشيء. ومنه قول ذي الرمة :
والشمس حيرى لها في الجوّ تدويم
وقال علقمة في وصف خمر :
تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبهاولا يخالطها في الرأس تدويم
والدوام : الدوار، يأخذ في رأس الإنسان فيرى الأشياء تدور به. وتدويم الطائر في السماء ثبوته إذا صف واستدار. ومنه : الماء الدائم، كأنه يستدير حول مركزه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩٧
لوى الحبل والتوى : فتله ثم استعمل في الإراغة في الحجج والخصومات، ومنه : ليان الغريم : وهو دفعه ومطله، ومنه : خصم ألوى : شديد الخصومة، شبهت المعاني بالأجرام.
اللسان : الجارحة المعروفة. قال أبو عمرو : اللسان يذكر ويؤنث، فمن ذكر جمعه ألسنة ومن أنث أجمعه ألسنا. وقال الفراء : اللسان بعينه لم نسمعه من العرب إلاَّ مذكراً. انتهى. ويعبر باللسان عن الكلام، وهو أيضاً يذكر ويؤنث إذا أريد به ذلك.
الرباني : منسوب إلى الرب، وزيدت الألف والنون مبالغة. كما قالوا : لحياني، وشعراني، ورقباني. فلا يفردون هذه الزيادة عن ياء النسبة. وقال قوم : هو منسوب إلى ربان، وهو معلم الناس وسائسهم، والألف والنون فيه كهي في : غضبان وعطشان، ثم نسب إليه فقالوا : رباني، فعلى هذا يكون من النسب في الوصف، كما قالوا : أحمري في أحمر، و: دواري في دّوار، وكلا القولين شاذ لا يقاس عليه.
درس الكتاب يدرسه : أدمن قراءته وتكريره، ودرس المنزل : عفا، وطلل دارس : عافٍ.


الصفحة التالية
Icon