وأما قول الزمخشري : ولتؤمنن، ساد مسد جواب القسم، والشرط جميعاً فقول ظاهره مخالف لقول من جعل : ما، شرطية، لأنهم نصوا على أن جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، اللهم إن عنى أنه من حيث تفسير المعنى لا تفسير الإعراب يسد مسدهما، فيمكن أن يقال ؛ وأما من حيث تفسير الإعراب فلا يصح، لأن كلاًّ منهما، أعني : الشرط والقسم، يطلب جواباً على حدة، ولا يمكن أن يكون هذا محمولاً عليهما، لأن الشرط يقتضيه على جهة العمل فيه، فيكون في موضع جزم، والقسم يطلبه على جهة التعلق المعنوي به بغير عمل فيه، فلا موضع له من الإعراب. ومحال أن يكون الشيء الواحد له موضع من الإعراب ولا موضع له من الإعراب.
والقول الثاني : قاله أبو علي الفارسي وغيره، وهو : أن تكون : ما، موصولة مبتدأة، وصلتها : آتيناكم، والعائد محذوف تقديره : آتيناكموه، و: ثم جاءكم، معطوف على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف تقديره : ثم جاءكم رسول به، فحذف لدلالة المعنى عليه، هكذا خرجوه، وزعموا أن ذلك على مذهب سيبويه، وخرجوه على مذهب الأخفش : أن الربط لهذه الجملة العارية عن الضمير حصل بقوله : لما معكم، لأنه هو الموصول، فكأنه قيل : ثم جاءكم رسول مصدق له، وقد جاء الربط في الصلة بغير الضمير، إلاَّ أنه قليل : روي من كلامهم : أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، يريدون : رويت عنه وقال :
فيا رب ليلى أنت في كل موطنوأنت الذي في رحمة الله أطمع
يريد في رحمته أطمع.
وخبر المبتدأ، الذي هو : ما، الجملة من القسم المحذوف وجوابه، وهو : لتؤمنن به، والضمير في : به، عائد على الموصول المبتدأ، ولا يعود على : رسول، لئلا تخلو الجملة التي وقعت خبراً عن المبتدأ من رابط يربطها به، والجملة الابتدائية التي هي : لما آتيناكم، إلى آخره هي الجملة المتلقى بها ما أجرى مجرى القسم، وهو قوله :﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَـاقَ النَّبِيِّـانَ﴾.
والقول الثالث : قاله بعض أهل العلم، وهو : أن تكون : ما، موصولة مفعولة بفعل جواب القسم، التقدير : لتبلغن ما آتيناكم من كتاب وحكمة، قال : إلاَّ أنه حذف : لتبلغن، لدلالة عليه، لأن لام القسم إنما تقع على الفعل، فلما دلت هذه اللام على هذا الفعل حذف، ثم قال تعالى :﴿ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ﴾ وهو محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِا وَلَتَنصُرُنَّهُا﴾ وعلى هذا التقدير يستقيم النظم، انتهى. ويعني : يكون : لتؤمنن به، جواب قسم محذوف، وهذا بعيد جداً لا يحفظ من كلامهم، والله لزيداً تريد ليضربن زيداً.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٠٨
وأما قول الزمخشري : ولتؤمنن، ساد مسد جواب القسم، والشرط جميعاً فقول ظاهره مخالف لقول من جعل : ما، شرطية، لأنهم نصوا على أن جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، اللهم إن عنى أنه من حيث تفسير المعنى لا تفسير الإعراب يسد مسدهما، فيمكن أن يقال ؛ وأما من حيث تفسير الإعراب فلا يصح، لأن كلاًّ منهما، أعني : الشرط والقسم، يطلب جواباً على حدة، ولا يمكن أن يكون هذا محمولاً عليهما، لأن الشرط يقتضيه على جهة العمل فيه، فيكون في موضع جزم، والقسم يطلبه على جهة التعلق المعنوي به بغير عمل فيه، فلا موضع له من الإعراب. ومحال أن يكون الشيء الواحد له موضع من الإعراب ولا موضع له من الإعراب.
والقول الثاني : قاله أبو علي الفارسي وغيره، وهو : أن تكون : ما، موصولة مبتدأة، وصلتها : آتيناكم، والعائد محذوف تقديره : آتيناكموه، و: ثم جاءكم، معطوف على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف تقديره : ثم جاءكم رسول به، فحذف لدلالة المعنى عليه، هكذا خرجوه، وزعموا أن ذلك على مذهب سيبويه، وخرجوه على مذهب الأخفش : أن الربط لهذه الجملة العارية عن الضمير حصل بقوله : لما معكم، لأنه هو الموصول، فكأنه قيل : ثم جاءكم رسول مصدق له، وقد جاء الربط في الصلة بغير الضمير، إلاَّ أنه قليل : روي من كلامهم : أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، يريدون : رويت عنه وقال :
فيا رب ليلى أنت في كل موطنوأنت الذي في رحمة الله أطمع
يريد في رحمته أطمع.
وخبر المبتدأ، الذي هو : ما، الجملة من القسم المحذوف وجوابه، وهو : لتؤمنن به، والضمير في : به، عائد على الموصول المبتدأ، ولا يعود على : رسول، لئلا تخلو الجملة التي وقعت خبراً عن المبتدأ من رابط يربطها به، والجملة الابتدائية التي هي : لما آتيناكم، إلى آخره هي الجملة المتلقى بها ما أجرى مجرى القسم، وهو قوله :﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَـاقَ النَّبِيِّـانَ﴾.


الصفحة التالية
Icon