سميت حليلة لأنها تحل مع الزوج حيث حل، فهي فعيلة بمعنى فاعلة. وذهب الزجاج وغيره إلى أنها من لفظ الحلال، فهي حليلة بمعنى محللة. وقيل : كل واحد منهما يحل إزار صاحبه. الصلب : الظهر، وصلب صلابة قوي واشتدّ. وذكر الفراء في كتاب لغات القرآن له : أن الصلب وهو الظهر، على وزن قفل هو لغة أهل الحجاز ويقول فيه تميم وأسد : الصلب بفتح الصاد واللام. قال : وأنشدني بعضهم :
وصلب مثل العنان المؤدم قال وأنشدني بعض بني أسد إذا أقوم أتشكي صلبي المحصنة : المرأة العفيفة. يقال : أحصنت فهي محصن، وحصنت فهي حصان عفت عن الرّيبة ومنعت نفسها منها. وقال شمر : يقال امرأة حصان، وحاصن. قال :
وحاصن من حاصنات ملسمن الأذى ومن فراق الوقس
١٩٣
ومصدر حصنت حصن. قال سيبويه : وقال أبو عبيدة والكسائي : حصانة. ويقال في اسم الفاعل من أحصن وأسهب وأبعج، مفعل بفتح عين الكلمة، وهو شذوذ نقله ثعلب عن ابن الأعرابي. وأصل الإحصان المنع، ومنه قيل للدرع وللمدينة : حصينة والحصن وفرس حصان. المسافحة والسفاح : الزنا، وأصله من السفح وهو الصب، يسفح كل من الزانيين نطفته. الخدن والخدين : الصاحب. الطول : الفضل، يقال منه : طال عليه يطول طولاً فضل عليه. وقال الليث والزجاج : الطول القدرة. انتهى. ويقال له : عليه طول أي زيادة وفضل، وقد طاله طولاً فهو طائل. قال الشاعر :
لقد زادني حباً لنفسي أننيبغيض إلى كل امرىء غير طائل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٢
ومنه الطول في الجسم لأنه زيادة فيه، كما أن القصر قصور فيه ونقصان. الفتاة الحديثة السن والفتاء الحداثة. قال : فقد ذهب المروءة والفتاء. وقال ابن منصور الجواليقي : المتفتية والفتاة المراهقة، والفتى الرفيق، ومنه :﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَـاهُ﴾ والفتى : العبد. ومنه :﴿لا﴾. الميل : العدول عن طريق الاستواء. ﴿وَالَّـاتِى يَأْتِينَ الْفَـاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ﴾ قال مجاهد واختاره أبو مسلم بن بحر الأصبهاني : هذه الآية نزلت في النساء. والمراد بالفاحشة هنا : المساحقة، جعل حدّهن الحبس إلى أن يمتن أو يتزوجن. قال : ونزلت ﴿وَالَّذَانِ يَأْتِيَـانِهَا مِنكُمْ﴾ في أهل اللواط. والتي في النور : في ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى﴾ وخالف جمهور المفسرين. وبناه أبو مسلم على أصل له : وهو يرى أنه ليس في القرآن ناسخ ولا منسوخ.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما أمر بالإحسان إلى النساء فذكر إيتاء صدقاتهن وتوريثهن، وقد كن لا يورثن في الجاهلية، ذكر التغليظ عليهن فيما يأتينه من الفاحشة، وفي الحقيقة هو إحسان إليهن، إذ هو نظر في أمر آخرتهن، ولئلا يتوهم أنّ من الإحسان إليهن أن لا تقام عليهن الحدود فيصير ذلك سبباً لوقوعهن في أنواع المفاسد. ولأنه تعالى لمّا ذكر حدوده وأشار بتلك إلى جميع ما وقع من أول السورة إلى موضع الإشارة، فكان في مبدأ السورة التحصن بالتزويج، وإباحة ما أباح من نكاح أربع لمن باح ذلك، استطرد بعد ذلك إلى حكم من خالف ما أمر الله به من النكاح من الزواني، وأفردهن بالذكر أولاً، لأنهن على ما قيل أدخل في باب الشهوة من الرجال، ثم ذكرهن ثانياً مع الرجال الزانين في قوله :﴿وَالَّذَانِ يَأْتِيَـانِهَا مِنكُمْ﴾ فصار ذكر النساء الزواني مرّتين : مرة بالإفراد، ومرّة بالشمول.
واللاتي جمع من حيث المعنى للتي، ولها جموع كثيرة أغربها : اللاآت، وإعرابها إعراب الهندات.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٢
ومعنى يأتين الفاحشة : يجئن ويغشين. والفاحشة هنا الزنا بإجماع من المفسرين، إلا ما نقل عن مجاهد وتبعه أبو مسلم في أن المراد به المساحقة، ويأتي الكلام معه في ذلك، وأطلق على الزنا اسم الفاحشة لزيادتها في القبح على كثير من القبائح. قيل : فإن قيل : القتل والكفر أكبر من الزنا، قيل : القوى المدبرة للبدن ثلاث : الناطقة وفسادها بالكفر والبدعة وشبههما، والغضبية وفسادها بالقتل والغضب وشبههما، وشهوانية وفسادها بالزنا واللواط والسحر وهي : أخس هذه القوى، ففسادها أخس أنواع الفساد، فلهذا خص هذا العمل بالفاحشة. وحجة أبي مسلم في أن الفاحشة هي السحاق قوله :﴿وَالَّـاتِى يَأْتِينَ الْفَـاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ﴾ وفي الرجال :﴿وَالَّذَانِ﴾ ومنكم وظاهره التخصيص، وبأن ذلك لا يكون فيه نسخ، وبأنه لا يلزم فيه التكرار. ولأن تفسير السبيل بالرجم أو الجلد والتغريب عند القائلين بأنها نزلت في الزنا، يكون عليهن لا لهن، وعلى قولنا : يكون السبيل تيسر الشهوة لهن بطريق النكاح. وردوا على أبي مسلم بأن ما قاله لم يقله أحد من المفسرين، فكان باطلاً. وأجاب : بأنه قاله مجاهد، فلم يكن إجماعاً وتفسير السبيل بالحديث
١٩٤


الصفحة التالية
Icon