الجوارح : الكواسب من سباع البهائم والطير، كالكلب والفهد والنمر والعقاب والصقر والباز والشاهين. وسميت بذلك لأنها تجرخ ما تصيد غالباً، أو لأنها تكتسب، يقال امرأة : لا جارح لها، أي لا كاسب. ومنه :﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ﴾ أي ما كسبتم. ويقال : جرح واجترح بمعنى اكتسب.
المكلب بالتشديد : معلم الكلاب ومضرّيها على الصيد، وبالتخفيف صاحب كلاب. وقال الزجاج : رجل مكلب ومكلب وكلاب صاحب كلاب.
الغسل في اللغة : إيصال الماء إلى المغسول مع إمرار شيء عليه كاليد ونحوها قاله بعضهم، وقال آخرون : هو إمرار الماء على الموضع، ومن ذلك قول بعض العرب :
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها
المرفق : المفصل بين المعصم والعضد، وفتح الميم وكسر الراء أشهر. الرجل : معروفة، وجمعت على أفعل في القلة والكثرة. والكعب : هو العظم الناتىء في وجه القدم حيث يجتمع شراك النعل. الحرج : الضيق، والحرج الناقة الضامر، والحرج النعش.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٧
﴿يَسْـاَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ﴾ سبب نزولها فيما قال : عكرمة ومحمد بن كعب، سؤال عاصم بن عدي وسعيد بن خيثمة وعويمر بن ساعدة. ماذا يحل لنا من هذه الكلاب ؟ وكان إذ ذاك أمر الرسول بقتلها فقتلت حتى بلغت العواصم لقول جبريل عليه السلام :"إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب" وفي صحيح أبي عبد الله الحاكم بسنده إلى أبي رافع.
قال :"أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقتل الكلاب"، فقال الناس : يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فأنزل الله تعالى يسألونك ماذا أحل لهم الآيات. وقال ابن جبير : نزلت في عدي بن حاتم وزيد الخيل قالا : يا رسول الله، إنا نصيد بالكلاب والبزاة، وإن كلاب آل
٤٢٧
درع وآل أبي حورية لتأخذ البقر والحمروالظباء والضب، فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما يقتل فلا ندرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها ؟ فنزلت. وعلى اعتبار السبب يكون الجواب أكثر مما وقع السؤال عنه، لأنهم سألوا عن شيء خاص من المطعم، فأجيبوا بما سألوا عنه، وبشيء عام في المطعم.
ويحتمل أن يكون ماذا كلها استفهاماً، والجملة خبر. ويحتمل أن يكون ما استفهاماً، وذا خبراً. أي : ما الذي أحل لهم ؟ والجملة إذ ذاك صلة. والظاهر أنّ المعنى : ماذا أحل لهم من المطاعم، لأنه لما ذكر ما حرم من الميتة وما عطف عليه من الخبائث، سألوا عما يحل لهم ؟ ولما كان يسألونك الفاعل فيه ضمير غائب قال لهم بضمير الغائب. ويجوز في الكلام ماذا أحل لنا، كما تقول : أقسم زيد ليضربن ولأضربن، وضمير التكلم يقتضي حكاية ما قالوا كما لأضربن يقتضي حكاية الجملة المقسم عليها. وقال الزمخشري : في السؤال معنى القول، فلذلك وقع بعده ماذا أحل لهم، كأنه قيل : يقولون : ماذا أحل لهم انتهى. ولا يحتاج إلى ما ذكر، لأنه من باب التعليق كقوله : سلهم أيهم بذلك زعيم، فالجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني ليسألونك. ونصّوا على أنّ فعل السؤال يعلق، وإن لم يكن من أفعال القلوب، لأنه سبب للعلم، فكما تعلق العلم فكذلك سببه. وقال أبو عبد الله الرازي : لو كان حكاية لكلامهم لكانوا قد قالوا : ماذا أحل لهم ومعلوم أن ذلك باطل، لأنهم لا يقولون ذلك، وإنما يقولون : ماذا أحل لنا. بل الصحيح : أنّ هذا ليس حكاية كلامهم بعبارتهم، بل هو بيان كيفية الواقعة انتهى.
﴿قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَـاتُ﴾ لما كانت العرب تحرم أشياء من الطيبات كالبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، بغير إذن من الله تعالى، قرر هنا أنّ الذي أحل هي الطيبات. ويقوي قول الشافعي : أن المعنى المستلذات، ويضعف أن المعنى : قل أحل لكم المحللات، ويدل عليه قوله :﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَـاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَـا ئِثَ﴾ كالخنافس والوزع وغيرهما. والطيب في لسان العرب يستعمل للحلال وللمستلذ، وتقدم الكلام على ذلك في البقرة. والمعتبر في الاستلذاذ والاستطابة أهل المروءة والأخلاق الجميلة، كان بعض الناس يستطيب أكل جميع الحيوانات. وهذه الجملة جاءت فعلية، فهي جواب لما سألوا عنه في المعنى لا على اللفظ، لأن الجملة السابقة وهي : ماذا أحل لهم اسمية، وهذه فعلية.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٧
﴿وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ ظاهر علمتم يخالف ظاهر استئناف مكلبين، فغلّب الضحاك والسدي وابن جبير وعطاء ظاهر لفظ مكلبين فقالوا : الجوارح هي الكلاب خاصة. وكان ابن عمر يقول : إنما يصطاد بالكلاب. وقال هو وأبو جعفر : ما صيد بغيرها
٤٢٨


الصفحة التالية
Icon