﴿وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّى لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الاولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعَـامِلُونَ * أَذَالِكَ خَيْرٌ نُّزُلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَـاهَا فِتْنَةً لِّلظَّـالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّه رُءُوسُ الشَّيَـاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لاكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِـاُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لالَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا ءَابَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَى ءَاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ * وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الاوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ * إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَـاهُ وَأَهْلَه مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَه هُمُ الْبَاقِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الاخِرِينَ * سَلَـامٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَـالَمِينَ * إِنَّا﴾ كأنه قيل : وعدهم هذا القول، وإذا وعدهم مَن لا يخلف الميعاد فقد وعدهم مضمونه من المغفرة والأجر العظيم، وهذا القول يتلقونه عند اتلموت ويوم القيامة، فيسرون ويستريحون إليه، وتهون عليهم السكرات والأهوال قبل الوصول إلى التراب انتهى. وهي تقادير محتملة، والأول أوجهها. ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَآ أُوالَئاِكَ أَصْحَـابُ الْجَحِيمِ﴾ لما ذكر ما لمن آمن، ذكر ما لمن كفر. وفي المؤمنين جاءت الجملة فعلية متضمنة الوعد بالماضي الذي هو دليل على الوقوع، فأنفسهم متشوقة لما وعدوا به، متشوفة إلفيه مبتهجة طول الحياة بهذا الوعد الصادق. وفي الكافرين جاءت الجملة إسمية دالة على ثبوت هذا الحكم لهم، وأنهم أصحاب النار، فهم دائمون في عذابٍ، إذْ حتم لهم أنهم أصحاب الجحيم، ولم يأت بصورة الوعيد، فكان يكون الرجاء لهم في ذلك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٠
﴿الْجَحِيمِ * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ روى أبو صالح عن ابن عباس : أنها نزلت من أجل كفار قريش، وقد تقدم ذكرهم في قوله :﴿لا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ وبه قال مقاتل، وقال الحسن : بعثت قريش رجلاً ليقتل الرسول صلى الله عليه وسلّم، فأطلعه الله على ذلك. وقال مجاهد وقتادة : إنه عليه السلام ذهب إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية فهموا بقتله. وقال جماعة من المفسرين : أتى بني قريظة ومعه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ حسبهما مشركين، فقالوا : نعم يا أبا القاسم اجلسْ حتى نطعمك ونقرضك، فأجلسوه في صفة وهموا بالقتل به، وعمد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه، فأمسك الله يده، ونزل جبريل عليه السلام فأخبره فخرج. وقيل : نزل منزلاً في غزوة ذات الرقاع بني محارب بن حفصة بن قيس بن غيلان، وتفرق الناس في العضاة يستظلون بها، فعلق الرسول سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي فسلّ سيف الرسول صلى الله عليه وسلّم واسمه غورث، وقيل : دعثور بن الحرث، ثم أقبل عليه فقال : من يمنعك مني ؟ قال :"الله قالها ثلاثاً" وقال : أتخافني ؟ قال : لا، فشام السيف وحبس. وفي البخاري : أن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا الناس فاجتمعوا وهو جالس عند النبي صلى الله عليه وسلّم لم يعاقبه. قيل : أسلم. وقيل : ضرب برأسه ساق الشجرة حتى مات. وروي أن المشركين رأوا المسلمين قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معاً بعسفان في غزوة ذي انمار، فلما صلوا ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقالوا : إن لهم صلاة بعدها هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، وهي صلاة العصر، وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إليها، فنزل جبريل عليه السلام بصلاة الخوف. وقد
٤٤١


الصفحة التالية
Icon