طوّلوا بذكر أسباب أخر. وملخص ما ذكروه أنّ قريشاً، أو بني النضير، أو قريظة، أو غورثا، هموا بالقتل بالرسول، أو المشركين هموا بالقتل بالمسلمين، أو نزلت في معنى ﴿يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾ قاله الزجاج، أو عقيب الخندق حين هزم الله الأحزاب ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ والذي تقتضيه الآية أنّ الله تعالى ذكر المؤمنين بنعمه إذا أراد قوم من الكفار لم يعينهم الله بل أبهمهم أن ينالوا المسلمين بشر، فمنعهم الله، ثم أمرهم بالتقوى والتوكل عليه. ويقال : بسط إليه لسانه أي شتمه، وبسط إليه يده مدها ليبطش به. وقال تعالى :﴿وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّواءِ﴾ ويقال : فلان بسيط الباغ، ومد يد الباع، بمعنى. وكف الأيدي منعها وحبسها. وجاء الأمر بالتقوى أمر مواجهة مناسباً لقوله اذكروا. وجاء الأمر بالتوكل أمر غائب لأجل الفاصلة، وإشعاراً بالغلبة، وإفادة لعموم وصف الإيمان، أي : لأجل تصديقه بالله ورسوله يؤمر بالتوكل كل مؤمن، ولابتداء الآية بمؤمنين على جهة الاختصاص وختمها بمؤمنين على جهة التقريب.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٠
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٢
نقب في الجبل والحائط فتح فيه ما كان منسدّاً، والتنقيب التفتيش، ومنه ﴿فَنَقَّبُوا فِى الْبِلَـادِ﴾ ونقب على القوم ينقب إذا صار نقيباً، أي يفتش عن أحوالهم وأسرارهم، وهي النقابة. والنقاب الرجل العظيم، والنقب الجرب واحده النقبة، ويجمع أيضاً على نقب على وزن ظلم،
٤٤٢
وهو القياس. وقال الشاعر :
متبذلاً تبدو محاسنهيضع الهناء مواضع النقب
أي الجرب. والنقبة سراويل بلا رجلين، والمناقب الفضائل التي تظهر بالتنقيب. وفلانة حسنة النقبة النقاب أي جميلة، والظاهر أنّ النقيب فعيل للمبالغة كعليم، وقال أبو مسلم : بمعنى مفعول، يعني أنهم اختاروه على علم منهم. وقال الأصم : هو المنظور إليه المسند إليه الأمر والتدبير، عزر الرجل قال يونس بن حبيب : أثنى عليه بخير. وقال أبو عبيدة : عظمة. وقال الفراء : رده عن الظلم : ومنه التعزير لأنه يمنع من معاودة القبيح. قال القطامي :
ألا بكرت ميّ بغير سفاهةتعاتب والمودود ينفعه العزر
أي المنع. وقال آخر في معنى التعظيم :
وكم من ماجد لهم كريمومن ليث يعزّر في النديّ
وعلى هذه النقول يكون من باب المشترك. وجعله الزمخشري من باب المتواطىء قال : عزرتموه نصرتموه ومنعتموه من أيدي العدوّ، ومنه التعزير وهو التنكيل والمنع من معاودة الفساد، وهو قول الزجاج، قال : التعزير الرّدع، عزرت فلاناً فعلت به ما يردعه عن القبيح، مثل نكلت به. فعلى هذا يكون تأويل عزرتموهم رددتم عنهم أعداءهم انتهى. ولا يصح إلا إن كان الأصل في عزرتموهم أي عزرتم بهم.
طلع الشيء برز وظهر، واطلع افتعل منه. غرا بالشيء غراء، وغر ألصق به وهو الغرى الذي يلصق به. وأغرى فلان زيداً بعمرو ولعه به، وأغريت الكلب بالصيد أشليته. وقال النضر : أغرى بينهم هيج. وقال مورج : حرش بعضهم على بعض. وقال الزجاج : ألصق بهم. الصنع : العمل. الفترة : هي الانقطاع، فتر الوحي أي انقطع. والفترة السكون بعد الحركة في الإجرام، ويستعار للمعاني. قال الشاعر :
وإني لتعروني لذكراك فترة
والهاء فيه ليست للمرة الواحدة، بل فترة مرادف للفتور. ويقال : طرف فاتر إذا كان ساجياً. الجبار : فعال من الجبر، كأنه لقوته وبطشه يجبر الناس على ما يختارونه. والجبارة النخلة العالية التي لا تتال بيد، واسم الجنس جبار. قال الشاعر :
سوابق جبار أثيث فروعهوعالين قنوانا من البسر أحمرا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٢