إذا سرق من مال زوجته. وقال مالك : يقطعان. والظاهر أنّ من أقرّ مرة بسرقة قطع، وبه قال : أبو حنيفة، وزفر، ومالك، والشافعي، والثوري. وقال ابن شبرمة وأبو يوسف وابن أبي ليلى : لا يقطع حتى يقر مرتين. وقال أبو حنيفة : لا يقطع سارق المصحف. وقال الشافعي، وأبو يوسف، وأبو ثور، وابن القاسم : يقطع إذا كانت قيمته نصاباً. والظاهر قطع الطرار نصاباً وبه قال : مالك، والأوزاعي، وأبو ثور، ويعقوب، وهو قول الحسن : وذهب أبو حنيفة، ومحمد، وإسحاق إلى أنه إن كانت الدراهم مصرورة في كمه لم يقطع، أو في داخله قطع. واختلف في النبّاش إذا أخذ الكفن، فقال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، ومحمد : لا يقطع، وهو قول ابن عباس ومكحول. وقال الزهري : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في زمن كان مروان أميراً على المدينة أنّ النباش يعزر ولا يقطع، وكان الصحابة متوافرين يومئذ. وقال أبو الدرداء، وابن أبي ليلى، وربيعة، ومالك، والشافعي، وأبو يوسف : يقطع، وهو مروي عن ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومسروق، والحسن، والنخعي، وعطاء، والظاهر أنه إذا كرّر السرقة في العين بعد القطع فيها لم يقطع، وبه قال الجمهور..
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥٩
وقال أبو حنيفة : لا يقطع، وأنه إذا سرق نصاباً من سارق لا يقطع، وبه قال الشافعي. وقال مالك : قطع والمخاطب بقوله :﴿فَاقْطَعُوا ﴾ الرسول أو ولاة الأمر كالسلطان، ومن أذن له في إقامة الحدود، أو القضاة والحكام، أو المؤمنون، ليكونوا متظافرين على إقامة الحدود أقوال أربعة. وفصل بعض العلماء فقال : إن كان في البلد إمام أو نائب له فالخطاب متوجه إليه، فإنْ لم يكن وفيها حاكم فالخطاب متوجه إليه، فإن لم يكن فإلى عامة المؤمنين، وهو من فروض الكفاية إذ ذاك، إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. والظاهر من قوله : فاقطعوا أيديهما أنه يقطع من السارق الثنتان، لكن الإجماع على خلاف هذا الظاهر، وإنما يقطع من السارق يمناه، ومن السارقة يمناها. قال الزمخشري : أيديهما يديهما ونحوه :﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ اكتفى بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف، وأريد باليدين اليمينان بدليل قراءة عبد الله : والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم انتهى. وسوى بين أيديهما وقلوبكما وليسا بشيئين، لأن باب صغت قلوبكما يطرد فيه وضع الجمع موضع التثنية، وهو ما كان اثنين من شيئين كالقلب والأنف والوجه والظهر، وأمّا إن كان في كل شيء منهما اثنان كاليدين والأذنين والفخذين فإن وضع الجمع موضع التثنية لا يطرد، وإنما يحفظ ولا يقاس عليه. لأن الذهن إنما يتبادر إذا أطلق الجمع لما يدل عليه لفظه، فلو قيل : قطعت آذان الزيدين، فظاهره قطع أربعة الآذان، وهو استعمال اللفظ في مدلوله. وقال ابن عطية : جمع الأيدي من حيث كان لكل سارق يمين واحدة، وهي المعرّضة للقطع في السرقة، وللسراق أيد، وللسارقات أيد، كأنه قال : اقطعوا إيمان النوعين، فالتثنية للضمير إنما هي للنوعين. وظاهر قوله : أيديهما، أنه لا يقطع الرجل، فإذا سرق قطعت يده اليمنى، ثم إن سرق قطعت يده اليسرى، ثم إن سرق عزّر وحبس، وهو مذهب مالك والجمهور، وبه قال : أبو حنيفة والثوري. وقال عليّ، والزهري، وحماد بن أبي سلمة، وأحمد : تقطع يده اليمنى، ثم إن سرق قطعت رجله اليسرى، ثم إن سرق عزّر وحبس. وروي عطاء : لا تقطع في السرقة إلا اليد اليمنى فقط، ثم إن سرق عزّر وحبس. وقال الشافعي : إذا سرق أولاً قطعت يده اليمنى، ثم في الثانية رجله اليسرى، ثم في الثالثة يده اليسرى، ثم في الرابعة رجله اليمنى، وروي هذا عن عمر. قيل : ثم رجع إلى قول عليّ. وظاهر قطع اليد أنه يكون من المنكب من المفصل. وروي عن عليّ : أنه في اليد من الأصابع، وفي الرّجل من نصف القدم وهو معقد الشراك. وروي مثله عن عطاء، وأبي جعفر. وقال أبو صالح السمان : رأيت الذي قطعه عليّ
٤٨٣
مقطوعاً من أطراف الأصابع، فقيل له : من قطعك ؟ قال : خير الناس. والظاهر أنّ المترتب على السرقة هو قطع اليد فقط. فإن كان المال قائماً بعينه أخذه صاحبه، وإن كان السارق استهلكه فلا ضمان عليه، وبه قال : مكحول، وعطاء، والشعبي، وابن سيرين، والنخعي في قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال الحسن، والزهري، والنخعي في قول حماد، وعثمان البتي، والليث، والشافعي، وأحمد وإسحاق : يضمن ويغرم. وقال مالك : إن كان موسراً ضمن أو معسراً فلا شيء عليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥٩


الصفحة التالية
Icon