ومصدر الثلاثي سحت بفتحتين، وسحت بإسكان الحاء. وقال الفراء : أصل السحت كلب الجوع
٤٨٥
ويقال : فلان مسحوت المعدة إذا كان لا يلقى أبداً إلا خائفاً، وهو راجع لمعنى الهلاك.
الحبر : بفتح الحاء وكسرها العالم، وجمعه الأحبار. وكان أبو عبيد ينكر ذلك ويقول : هو بفتح الحاء. وقال الفراء : هو بالكسر، واختار أبو عبيد الفتح. وتسمى هذه السورة سورة الأحبار، ويقال : كعب الأحبار. والحبر بالكسر الذي يكتب به، وينسب إليه الحبري الحبار. ويقال : كتب الحبر لمكان الحبر الذي يكتب به، وسمي حبراً لتحسينه الخط وتبيينه إياه. وقيل : سمي حبراً لتأثيره في الموضع الذي يكون به من الحبار وهو الأثر.
العين : حاسة الرؤية وهي مؤنثة، وتجمع في القلة على أعين وأعيان، وفي الكثرة على عيون. وقال الشاعر :
ولكنني أغدو عليّ مفاضةدلاص كأعيان الجراد المنظم
ويقال للجاسوس : ذو العينين، والعين لفظ مشترك بين معان كثيرة ذكرها اللغويون. الأنف : معروف والجمع آناف وأنف وأنوف.
المهيمن : الشاهد الرقيب على الشيء الحافظ له، وهو اسم فاعل من هيمن قالوا : ولم يجيء على هذا الوزن إلا خمسة ألفاظ : هيمن، وسيطر، وبيطر، وحيمر، وبيقر، ذكر هذا الخامس الزجاجي في شرحه خطبة أدب الكاتب، ومعناه : سار من الحجاز إلى اليمن، ومن أفق إلى أفق. وهيمن بنا أصل. وذهب بعض اللغويين إلى أنّ مهيمناً اسم فاعل من أمن غيره من الخوف قال : فأصله مأمن قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة اجتماع الهمزتين فصار مؤيمن، ثم أبدلت الهمزة الأولى هاء كما قالوا : اهراق في اراق، وهياك في إياك، وهذا تكلف لا حاجة إليه، وقد ثبت نظير هذا الوزن في ألفاظ فيكون هذا منها. وأيضاً فالهمزة في مؤمن اسم فاعل من آمن قد سقطت كراهة اجتماع الهمزتين، فلا يدعي أنها أقرت وأبدل منها. وأما ما ذهب إليه ابن قتيبة من أنه تصغير مؤمن، وأبدلت همزته هاء، فقد كتب إليه أبو العباس المبرد يحذره من هذا القول. واعلم أنّ أسماء الله تعالى لا تصغر. الشرعة : السنة والطريقة شرع يشرع شرعاً أي سنّ، والشارع الطريق الأعظم، ومنزل شارع إذا كان بابه قد شرع إلى طريق نافذ. المنهاج والمنهج : الطريق الواضح، ونهج الأمر استبان، ونهجت الطريق أبنته وأوضحته، ونهجت الطريق سلكته.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨٥
﴿قَدِيرٌ * يَـا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَـارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ روي عن أبي هريرة وابن عباس وجماعة : أن سبب نزولها أنّ يهودياً زنى بيهودية، قيل : بالمدينة. وقيل : بغيرها من أرض الحجاز، فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلّم وطمعوا أن يكون غير الرجم حدهما، وكان في التوراة رجم، فأنكروا ذلك أن يكون في التوراة وافتضحوا إذ أحضروها، وحكم الرسول فيهما بالرجم وأنفذه. وقال قتادة : السبب أنّ بني النضير كانوا إذا غزوا بني قريظة، فإن قتل قرظي نضيرياً قتل به، أو نضيري قرظياً أعطى الدية. وقيل : كانت دية القرظي على نصف دية النضيري، فلما جاء الرسول المدينة طلبت قريظة الاستواء لأنهما ابنا عم، وطلبت الحكومة إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم فقالت بنو النضير : إنْ حكم بما نحن عليه فخذوه، وإلا فاحذروا. وقال السدي : نزلت في رجل من الأنصار وهذا بعيد من مساق الآية. وذكروا أن هذا الرجل هو أبو لبابة بن عبد المنذر، أشارت إليه قريظة يوم حصرهم علام ينزل من الحكم، فأشار إلى حلقه بمعنى أنه الذبح. وقال الشعبي : نزلت في قوم من اليهود قتل واحد منهم آخر، فكلفوا رجلاً من المسلمين أن يسأل الرسول قالوا : فإنْ أفتى بالدية قبلنا، وإن أفتى بالقتل لم نقبل. وهذا نحو من قول قتادة في النضير وقريظة.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما بين أحكام الحرابة والسرقة، وكان في ذكر المحاربين أنهم يحاربون الله ورسوله ويسعون في
٤٨٦


الصفحة التالية
Icon