وهي علينا واجبة. وقيل لحذيفة : أنزلت هذه الآية في بني إسرائيل ؟ فقال : نعم، الإخوة لكم بنو إسرائيل أن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مرة، لتسلكن طريقهم قدّ الشرك، وعن ابن عباس، واختاره ابن جرير : إنّ الكافرين والظالمين والفاسقين أهل الكتاب، وعنه نعم القوم أنتم ما كان من حلو فلكم، وما كان من مرّ فهو لأهل الكتاب. من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقر به ظالم فاسق. وعن الشعبي : الكافرون في أهل الإسلام، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى. وكأنه خصص كل عام منها بما تلاه، إذ قبل الأولى :﴿فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ﴾ و﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم﴾ و﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ﴾ و﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ﴾ وقبل الثانية :﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ﴾ وقبل الثالثة :﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَـارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ الآية. وقال الزمخشري : ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهيناً به، فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون، وصف لهم بالعتوّ في كفرهم حين ظلموا آيات الله بالاستهزاء والاستهانة وتمرّدوا بأن حكموا بغيرها انتهى. وقال السدّي : من خالف حكم الله وتركه عامداً وتجاوزه وهو يعلم، فهو من الكافرين حقاً، ويحمل هذا على الجحود، فهو الكفر ضد الإيمان كما قال : ابن عباس. واحتجت الخوارج بهذه الآية على أنّ كل من عصى الله تعالى فهو كافر، وقالوا : هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافراً. وأجيبوا : بأنها نزلت في اليهود، فتكون مختصة بهم. وضعف بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ومنهم من قال : تقديره ومن لم يحكم بما أنزل الله من هؤلاء الذين سبق ذكرهم قبل، وهذا ضعيف، لأنّ من شرط وهي عام، وزيادة ما قدر زيادة في النقص، وهو غير جائز. وقيل : المراد كفر النعمة، وضعف بأنّ الكفر إذا أطلق انصرف إلى الكفر في الدّين. وقال ابن الأنباري : فعل فعلاً يضاهي أفعال الكفار، وضعف بأنه عدول عن الظاهر. وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني : ما أنزل صيغة عموم، فالمعنى : من أتى بضد حكم الله في كل ما أنزل الله، والفاسق لم يأت بضد حكم الله إلا في القليل وهو العمل، أما في الاعتقاد والإقرار فهو موافق. وضعف بأنه لو كان كذلك لم يتناول هذا الوعيد اليهود بسبب مخالفاتهم حكم الله في الرجم. وأجمع المفسرون على أن هذا الوعيد يتناول اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في واقعة الرجم، فدل على سقوطه هذا. وقال عكرمة : إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف أنه حكم الله وأقر بلسانه أنه حكم الله، إلا أنه أتى بما يضاد، فهو حاكم بما أنزل الله، لكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨٥
﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالانْفَ بِالانْفِ وَالاذُنَ بِالاذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى بين في التوراة أن حكم الزاني المحصن الرجم، وغيره اليهود، وبين هنا أنّ في التوراة : أن النفس بالنفس وغيره اليهود أيضاً، ففضلوا بني النضير على بني قريظة، وخصوا إيجاب القود على بني قريظة دون بني النضير. ومعنى وكتبنا : فرضنا. وقيل : قلنا والكتابة بمعنى القول
٤٩٣


الصفحة التالية
Icon