ولزمت كما لزمت في الآن، ومن قال : إنه أعجمي فقال : زيدت فيه أل ولزمت شذوذاً، وممن نص على زيادة أل في اليسع أبو عليّ الفارسي وأما على قراءة الأخوين فزعم أبو عليّ أن أل فهي كهي في الحارث والعباس، لأنهما من أبنية الصفات لكن دخول أل فيه شذوذ عن ما عليه الأسماء الأعجمية إذ لم يجيء فيها شيء على هذا الوزن كما لم يجيء فيها شيء فيه أل للتعريف، وقال أبو عبد الله بن مالك الجياني، ما قارنت أل نقله كالمسمى بالنضر أو بالنعمان أو ارتجاله كاليسع والسموأل، فإن الأغلب ثبوت أل فيه وقد يجوز أن يحذف فعلى هذا لا تكون أل فيه لازمة واتضح من قوله : إن اليسع ليس منقولاً من فعل كما قال بعضهم، وتقدّم أنه قال : يونس بضم النون وفتحها وكسرها وكذلك يوسف وبفتح النون وسين يوسف قرأ الحسن وطلحة ويحيى والأعمش وعيسى بن عمر في جميع القرآن وإنما جمع هؤلاء الأربعة لأنهم لم يبق لهم من الخلق أتباع ولا أشياع فهذه مراتب ست : مرتبة الملك والقدرة ذكر فيها داود وسليمان، ومرتبة البلاء الشديد، ذكر فيها أيوب، ومرتبة الجمع بين البلاء والوصول إلى الملك ذكر فيها يوسف، ومرتبة قوة البراهين والمعجزات والقتال والصولة ذكر فيها موسى وهارون، ومرتبة الزهد الشديد والانقطاع عن الناس للعبادة ذكر فيها زكريا ويحيى وعيسى وإلياس، ومرتبة عدم الاتباع ذكر فيها إسماعيل واليسع ويونس ولوطاً، وهذه الأسماء أعجمية لا تجر بالكسرة ولا تنون إلا اليسع فإنه يجر بها ولا ينون وإلا لوطاً فإنه مصروف لخفة بنائه بسكون وسطه، وكونه مذكراً وإن كان فيه ما في إخوته من مانع الصرف وهو العلمية والعجمة الشخصية وقد تحاشى المسلمون هذا الاسم الشريف، فقلّ من تسمى به منهم كأبي مخنف لوط بن يحيى، ولوط النبي هو لوط بن هارون بن آزر وهو نارخ وتقدّم رفع نسبه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦١
﴿وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَـالَمِينَ﴾ فيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الأولياء خلافاً لبعض من ينتمي إلى الصوف في زعمهم أن الولي أفضل من النبي كمحمد بن العربي الحاتمي صاحب كتاب الفتوح المكية وعنقاء مغرب وغيرهما من كتب الضلال، وفيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الملائكة لعموم العالمين وهم الموجودون سوى الله تعالى فيندرج في العموم الملائكة. قال ابن عطية : معناه عالمي زمانهم.
﴿وَمِنْ ءَابَآاِهِمْ وَذُرِّيَّـاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ﴾ المجرور في موضع نصب. فقال الزمخشري : عطفاً على ﴿كَلا﴾ بمعنى وفضلنا بعض آبائهم، وقال ابن عطية : وهدينا ﴿مِنْ ءَابَآاِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّـاتِهِمْ﴾ جماعات فمن للتبعيض والمراد من آمن نبياً كان أو غير نبي ويدخل عيسى في ضمير قوله :﴿وَمِنْ ءَابَآاِهِمْ﴾ ولهذا قال محمد
١٧٤
بن كعب : الخال والخالة انتهى، ﴿وَمِنْ ءَابَآاِهِمْ﴾ كآدم وإدريس ونوح وهود وصالح ﴿وَذُرِّيَّـاتِهِمْ﴾ كذرية نوح عليه السلام المؤمنين ﴿وَإِخْوَانِهِمْ﴾ كإخوة يوسف ذكر الأصول والفروع والحواشي.
﴿وَاجْتَبَيْنَـاهُمْ وَهَدَيْنَـاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ الظاهر عطف ﴿وَاجْتَبَيْنَـاهُمْ﴾ على ﴿فَضَّلْنَا﴾ أي اصطفيناهم وكرر الهداية على سبيل التوضيح للهداية السابقة، وأنها هداية إلى طريق الحق المستقيم القويم الذي لا عوج فيه وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الشرك.
﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِا﴾ أي ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم هو هدى الله، وقال ابن عطية : ذلك إشارة إلى النعمة في قوله ﴿وَاجْتَبَيْنَـاهُمْ﴾ انتهى، وفي الآية دليل على أن الهدى بمشيئة الله تعالى.
﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا ﴾ مع فضلهم وتقدّمهم وما رفع لهم من الدرجات لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم كما قال تعالى :﴿لَـاِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ وفي قوله :﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا ﴾ دلالة على أن الهدى السابق هو التوحيد ونفي الشرك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦١
﴿أُوالَئاِكَ الَّذِينَ ءَاتَيْنَـاهُمُ الْكِتَـابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ لما ذكر أنه تعالى فضلهم واجتباهم وهداهم ذكر ما فضلوا به، والكتاب : جنس للكتب الإلهية كصحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل، والحكم : الحكمة أو الحكم بين الخصوم أو ما شرعوه أو فهم الكتاب أو الفقه في دين الله أقوال، وقال أبو عبد الله الرازي :﴿الْكِتَـابِ مِنَ﴾ هي رتبة العلم يحكمون بها على بواطن الناس وأرواحهم و﴿لِحُكْمِ﴾ مرتبة نفوذ الحكم بحسب الظاهر و﴿النُّبُوَّةَ﴾ المرتبة الثالثة وهي التي يتفرع على حصولها حصول المرتبتين فالحكام على الخلق ثلاث طوائف. انتهى ملخصاً.


الصفحة التالية
Icon