﴿نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا﴾ أي من الخضر كالقمح والشعير وسائر القطاني ومن الثمار كالرمان والصنوبر وغيرهما مما تراكب حبه وركب بعضه بعضاً و﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ﴾ جملة في موضع الصفة لخضر أو يجوز أن يكون استئناف إخبار، وقرأ الأعمش وابن محيصن يخرج منه حب متراكب على أنه مرفوع بيخرج ومتراكب صفة في نصبه ورفعه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٣
﴿وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ﴾ أي قريبة من المتناول لقصرها ولصوق عروقها بالأرض قاله ابن عباس والبراء والضحاك وحسنه الزمخشري فقال : سهلة المجتنى معرضة للقاطف كالشيء الداني القريب المتناول ولأن النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتي بالثمر، وقال الحسن : قريب بعضها من بعض، وقيل ﴿دَانِيَةٌ﴾ مائلة، قيل : وذكر الدانية دون ذكر السحوق لأن النعمة بها أظهر أو حذف السحوق لدلالة الدانية عليها كقوله :﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ أي والبرد. وقرأ الجمهور ﴿قِنْوَانٌ﴾ بكسر القاف وقرأ الأعمش والخفاف عن أبي عمر والأعرج في رواية بضمها ورواه السلمي عن علي بن أبي طالب، وقرأ الأعرج في رواية وهارون عن أبي عمرو ﴿قِنْوَانٌ﴾ بفتح القاف وخرجه أبو الفتح على أنه اسم جمع على فعلان لأن فعلانا ليس من أبنية جمع التكسير، وفي كتاب ابن عطية وروي عن الأعرج ضم القاف على أنه جمع قنو بضم القاف، وقال الفراء : وهي لغة قيس وأهل الحجاز والكسر أشهر في العرب وقنو على ﴿قِنْوَانٌ﴾ انتهى، وهو مخالف لما نقلناه في المفردات من أن لغة الحجاز ﴿قِنْوَانٌ﴾ بكسر القاف وهذه الجملة مبتدأ وخبر و﴿مِن طَلْعِهَا﴾ بدل من ﴿وَمِنَ النَّخْلِ﴾ والتقدير ز﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ كائنة من طلع ﴿النَّخْلِ﴾ وأفرد ذكر القنوان وجرد من قوله :﴿نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍ﴾ نخرج منه خضراً لما في تجريدها من عظيم المنة والنعمة، إذ كانت أعظم أو من أعظم قوت العرب وأبرزت في صورة المبتدأ والخبر ليدل على الثبوت والاستقرار وأن ذلك مفروغ منه، وقال ابن عطية :﴿وَمِنَ النَّخْلِ﴾ تقديره نخرج من النخل ومن طلعها ﴿قِنْوَانٌ﴾ ابتداء خبره مقدم والجملة في موضع المفعول بتخرج انتهى. وهذا خطأ لأن ما يتعدى إلى مفعول واحد لا تقع الجملة في موضع مفعوله إلا إذا كان
١٨٩
الفعل مما يعلق وكانت الجملة فيها مانع من أن يعمل في شيء من مفرداتها الفعل من الموانع المشروحة في علم النحو و
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٣
﴿نُخْرِجُ﴾ ليست مما يعلق وليس في الجملة ما يمنع من عمل الفعل في شيء من مفرداتها إذ لو كان الفعل هنا مقدّراً لتسلط على ما بعده ولكان التركيب والتقدير ونخرج ﴿وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا﴾ قنواناً دانية بالنصب، وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة ﴿أَخْرَجْنَا﴾ عليه تقديره ومخرجة من طلع النخل قنوان انتهى، ولا حاجة إلى هذا التقدير إذ الجملة مستقلة في الإخبار بدونه، وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون ﴿قِنْوَانٌ﴾ مبتدأ والخبر ﴿مِن طَلْعِهَا﴾ وفي ﴿وَمِنَ النَّخْلِ﴾ ضمير تقديره وينبت من النخل شيء أو ثمر فيكون من طلعها بدلاً منه، ويجوز أن يرتفع ﴿قِنْوَانٌ﴾ على أنه فاعل من طلعها فيكون في ﴿وَمِنَ النَّخْلِ﴾ ضمير يفسره ﴿قِنْوَانٌ﴾ وإن رفعت ﴿قِنْوَانٌ﴾ بقوله :﴿مِنْ﴾ على قول من أعمل أول الفعلين جاز وكان في ﴿مِن طَلْعِهَا﴾ ضمير مرفوع انتهى، وهو إعراب فيه تخليط لا يسوغ في القرآن ومن قرأ ﴿يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ جاز أن يكون قوله :﴿النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ﴾ معطوفاً عليه كما تقول يضرب في الدار زيد، وفي السوق عمرو وجاز أن يكون مبتدأ وخبراً وهو الأوجه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٣