لا تمددها فتشققها، وعدواً مصدر عدا وكذا عدو وعدوان بمعنى اعتدى أي ظلم، وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة ويعقوب وسلام وعبد الله بن يزيد بضم العين والدال وتشديد الواو وهو مصدر لعدا كما ذكرناه، وجوّزوا فيهما انتصابهما على المصدر في موضع الحال أو على المصدر من غير لفظ الفعل لأن سب الله عدوان أو على المفعول له، وقال ابن عطية : وقرأ بعض المكيين وعينه الزمخشري فقال عن ابن كثير : بفتح العين وضم الدال وتشديد الواو أي أعداء وهو منصوب على الحال المؤكدة وعدو يخبر به عن الجمع كما قال : هم العدوّ، ومعنى ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ على جهالة بما يجب لله تعالى أن يذكر به وهو بيان لمعنى الاعتداء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٣
﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ أي مثل تزيين عبادة الأصنام للمشركين ﴿زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ وظاهر ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ لعموم في الأمم وفي العمل فيه فيدخل فيه المؤمنون والكافرون وتزيينه هو ما يخلقه ويخترعه في النفوس من المحبة للخير أو الشر والاتباع لطرقه، وتزيين الشيطان هو ما يقذفه في النفوس من الوسوسة وخطرات السوء، وخص الزمخشري ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ فقال : من أمم الكفار سوء عملهم أي خليناهم وشأنهم ولم نكفهم حتى حسن عندهم سوء عملهم، وأمهلنا الشيطان حتى زين لهم أو زيناه في زعمهم وقولهم : إن الله أمرنا بهذا وزينه لنا انتهى، وهو على طريقته الاعتزالية، وقال الحسن : أي﴿زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ العمل الذي أوجبناه عليهم فجعل ﴿زَيَّنَّا﴾ بمعنى شرعنا ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ عام والعمل خاص بما أوجبه الله تعالى، وأنكر هذا الزجاج وقال : هو بمعنى طبع الله على قلوبهم والدليل عليه :﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَه سُواءُ عَمَلِهِا فَرَءَاهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ﴾ انتهى. وما فسر به الحسن قد أوضحه بعض المعتزلة فقال : المراد بتزيين العمل تزيين المأمور به لا المنهى عنه ويحمل على الخصوص وإن كان عاماً لئلا يؤدّي إلى تناقض النصوص لأنه نص على تزيين الله للإيمان وتكريهه للكفر في قوله :﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الايمَـانَ وَزَيَّنَه فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ﴾ فلو دخل تزيين الكفر في هذه الآية في المراد لوجب التناقض بين الآيتين ولذلك أضاف التزيين إلى الشيطان بقوله :﴿زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَـانُ أَعْمَـالَهُمْ﴾ فلا يكون الله مزيناً ما زينه الشيطان فنقول : الله يزين ما يأمر به والشيطان يزين ما ينهى عنه حتى يكون ذلك عملاً بجميع النصوص انتهى، وأجيب بأن لا تناقض لاختلاف التزيين تزيين الله بالخلق للشهوات وتزيين الشيطان بالدعاء إلى المعاصي فالآية على عمومها في كل أمّة وفي عملهم.
﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي أمرهم مفوّض إلى الله وهو عالم بأحوالهم مطلع على ضمائرهم ومنقلبهم يوم القيامة إليه فيجازي كل بمقتضى عمله وفي ذلك وعد جميل للمحسن ووعيد للمسيء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٣
﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـانِهِمْ لَـاِن جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾ أي آية من اقتراحهم نحو قولهم حتى تنزل ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَـاقُهُمْ لَهَا خَـاضِعِينَ﴾ أنزلها علينا حتى نؤمن بها فقال المسلمون يا رسول الله أنزلها عليهم فنزلت هذه الآية قاله ابن عباس أو نحو قولهم يجعل الصفا ذهباً حتى ذكروا معجزة موسى في الحجر وعيسى في إحياء الموتى وصالح في الناقة فقام الرسول يدعو فجاءه جبريل عليه السلام
٢٠٠


الصفحة التالية
Icon