وفصل به بين أو وأهل بالمفعول له ويكون أو أهل معطوفاً على ﴿يَكُونَ﴾ والضمير في ﴿بِهِ﴾ يعود على ما عاد عليه في ﴿يَكُونَ﴾ وهذا إعراب متكلف جداً وتركيب على هذا الإعراب خارج عن الفصاحة وغير جائز في قراءة من قرأ ﴿إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً﴾ بالرفع فيبقى الضمير في ﴿بِهِ﴾ ليس له ما يعود عليه، ولا يجوز أن يتكلف محذوف حتى يعود الضمير عليه فيكون التقدير أو شيء ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِا﴾ لأن مثل هذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.
﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ تقدّم تفسير مثل هذا ولما كان صدر الآية مفتتحاً بخطابه تعالى بقوله :﴿قُل لا أَجِدُ﴾ اختتم الآية بالخطاب فقال : فإن ربك ودلّ على اعتنائه به تعال بتشريف خطابه افتتاحاً واختتاماً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٤
﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ﴾ مناسبة هذه لما قبلها أنه لما بين أن التحريم إنما يستند للوحي الإلهي أخبر أنه حرّم على بعض الأمم السابقة أشياء، كما حرّم على أهل هذه الملة أشياء مما ذكرها في الآية قبل فالتحريم إنما هو راجع إلى الله تعالى في الأمم جميعها وفي قوله :﴿حَرَّمْنَا﴾ تكذيب اليهود في قولهم : إن الله لم يحرم علينا شيئاً وإنما حرمنا على أنفسنا ما حرمه إسرائيل على نفسه. قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والسدّي : هي ذوات الظلف كالإبل والنعام وما ليس بذي أصابع منفرجة كالبط والإوز ونحوهما، واختاره الزجاج. وقال ابن زيد : هي الإبل خاصة وضعف هذا التخصيص. وقال الضحاك : هي النعامة وحمار الوحش وهو ضعيف لتخصيصه. وقال الكلبي : كل ذي مخلب من الطير وذي حافر من الدواب وذي ناب من السباع. وقال القتبي : الظفر هنا بمنزلة الحافر يدخل فيه كل ذي حافر من الدواب سمى الحافر ظفر استعارة. وقال ثعلب : كل ما لا يصيد فهو ذو ظفر وما يصيد فهو ذو مخلب. قال النقاش : هذا غير مطرد لأن الأسد ذو ظفر. وقال الزمخشري : ما له أصبع من دابة أو طائر، وكان بعض ذوات الظفر حلالاً لهم فلما ظلموا حرم ذلك عليهم فعم التحريم كل ذي ظفر بدليل قوله :﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَـاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾. وقال أبو عبد الله الرازي : حمل الظفر على الحافر ضعيف لأن الحافر لا يكاد يسمى ظفراً ولأنه لو كان كذلك لقيل : حرم عليهم كل حيوان له حافر وذلك باطل لدلالة الآية على إباحة البقر والغنم مع أنها لها حافر، فوجب حمل الظفر على المخالب والبراثن لأن المخالب آلات لجوارح الصيد في الاصطياد فيدخل فيه أنواع السباع والكلاب والسنانير والطيور التي تصطاد ويكون هذا مختصاً باليهود لدلالة ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا ﴾ على الحصر فيختص التحريم باليهود ولا تكون محرمة على المسلمين وما روي من تحريم ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير ضعيف، لأنه خبر واحد على خلاف كتاب الله فلا يقبل ويقوي مذهب مالك ؛ انتهى، ملخصاً وفيه منوع. أحدها : لا
٢٤٣
نسلم تخصيص ذي الظفر بما قاله. الثاني : لا نسلم الحصر الذي ادّعاه. الثالث : لا نسلم الاختصاص. الرابع : لا نسلم إن خبر الواحد في تحريم ذي الناب وذي المخلب على خلاف كتاب الله وكل من فسر الظفر بما فسره من ذوي الأقوال السابقة بذاهب إلى تحريم لحم ما فسره وشحمه وكل شيء منه. وذهب بعض المفسرين إلى أن ذلك على حذف مضاف وليس المحرم ذا الظفر وإنما المراد ما صاده ذو الظفر أي ذو المخلب الذي لم يعلم وهذا خلاف الظاهر. وقرأ أبي الحسن والأعرج ﴿ظُفُرٍ﴾ بسكون الفاء والحسن أيضاً وأبو السمال قعنب بسكونها وكسر الطاء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٤


الصفحة التالية
Icon