داوية ودجى ليل كأنهمايم تراطن في حافاته الروم
وتقدّمت هذه المادة في فتيمموا إلا أن ابن قتيبة قال : اليم البحر بالسّريانية. وقيل بالعبرانية. التدمير الإهلاك وإخراب البناء. التتبير الإهلاك ومنه التبر لتهالك الناس عليه. وقال ابن عطية والكرماني : التتبير الإهلاك وسوء العقبى وأصله الكسر ومنه تبر الذهب لأنه كساره.
﴿عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَا فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾. الظاهر أنه وحيُ إعلام كما روي أن جبريل عليه السلام أتاه وقال له أنّ الحق يأمرك أن تلقى عصاك وكونه وحي إعلام فيه تثبيت للجأش وتبشير بالنصر، وقال قوم : هو وحي إلهام ألقى ذلك في روعه وأن يحتمل أن تكون المفسّرة وأن تكون الناصبة أي بأن ألق، وفي الكلام حذف قبل الجملة الفجائية أي فألقاها ﴿فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ﴾ وتكون الجملة الفجائية إخباراً بما ترتب على الإلقاء ولا يكون موحى بها في الذكر ومن يذهب إلى أنّ الفاء في نحو خرجت فإذا الأسد زائدة يحتمل على قوله أن تكون هذه الجملة موحى بها في الذكر إلا أنه يقدر المحذوف بعدها أي فألقاها فلقفته، وقرأ حفص ﴿تَلْقَفْ﴾ بسكون اللام من لقف، وقرأ باقي السبعة ﴿تَلْقَفْ﴾ مضارع لقف حذفت إحدى تاءيه إذ الأصل تتلقف، وقرأ البزي بإدغام المضارعة في التاء في الأصل، وقرأ ابن جبير تلقم بالميم أي تبلع كاللقمة ﴿وَمَآ﴾ موصولة أي
٣٦٣
ما يأفكونه أي يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزورونه قالوا أو مصدرية أي تلقف إفكهم تسمية للمفعول بالمصدر. روي أن موسى عليه السلام لما كان يوم الجمع خرج متوكئاً على عصاه ويده في يد أخيه وقد صفّ له السحرة في عدد عظيم فلما ألقوا واسترهبوا أوحى الله إليه فألقى فإذا هي ثعبان عظيم حتى كان كالجبل، وقيل : طال حتى جاز النيل، وقيل : طال حتى جاز بذنبه بحر القلزم، وقيل كان الجمع باسكندرية وطال حتى جاز مدينة البحيرة، وروي أنهم جعلوا يرقون وحبالهم وعصيهم تعظم وعصا موسى تعظم حتى سدّت الأفق وابتلعت الكل ورجعت بعد عصا وأعدم الله العصيّ والحبال ومدّ موسى يده في الثعبان فعاد عصا كما كان فعلم السحرة حينئذ أن ذلك ليس من عند البشر فخروا سجّداً مؤمنين بالله ورسوله، قال الزمخشري : أعدم الله بقدرته تلك الأجرام العظيمة أو فرقها أجزاء لطيفة وقالت السّحرة لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٢