الآية الأخرى، وقال وهب : كان بن كل آيتين أربعون يوماً، وقال نوف البكالي مكث موسى عليه السلام في آل فرعون بعد إيمان السحرة عشرين سنة يريهم الآيات وحكمة التفصيل بالزمان أنه يمتحن فيه أحوالهم أيفون بما عاهدوا أم ينكثون فتقوم عليهم الحجة وانتصب ﴿مُفَصَّلَـاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾ على الحال والذي دلّت عليه الآية أنه أرسل عليهم ما ذكر فيها وأما كيفية الإرسال ومكث ما أرسل عليهم من الأزمان والهيئات فمرجعه إلى النّقل عن الأخبار الإسرائيليات إذ لم ب(ثبت) من ذلك في الحديث النبوي شيء ومع إرسال جنس الآيات استكبروا عن الإيمان وعن قبول أمر الله تعالى، و﴿وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ﴾ إخبار منه تعالى عنهم باجترامهم على الله وعلى عباده. ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَـامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَا لَـاِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرَا ءِيلَ﴾ الظاهر أنّ الرجز هنا هو ما كان أرسل عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فإن كان أريد الظاهر كان سؤالهم موسى بعد وقوع جميعها لا بعد وقوع نوع منها ويحتمل أن يكون المعنى ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ﴾ نوع من ﴿الرِّجْزَ﴾ فيكون سؤالهم قد تخلّل بين نوع ونوع ومعنى ﴿وَقَعَ عَلَيْهِمُ﴾ نزل عليهم وثبت وقال قوم :﴿الرِّجْزَ﴾ الطاعون نزل بهم مات منهم في ليلة سبعون ألف قبطي وفي قولهم ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ وإضافة الرب إلى موسى عدم إقرار بأنه ربهم حيث لم يقولوا ادعُ لنا ربنا ومعنى ﴿بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ بما اختصك به فنبأك أو بما وصّاك أن تدعو به ليجيبك كما أجابك في الآيات أو بما استودعك من العلم والظاهر تعلق ﴿بِمَا عَـاهَدَ﴾ بأدع لنا ربك ومتعلق الدعاء محذوف تقديره ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ في كشف هذا الرّجز ﴿عِندَكَا لَـاِن كَشَفْتَ﴾ جواب لقسم محذوف في موضع الحال من قالوا أي قالوا ذلك مقسمين ﴿لَـاِن كَشَفْتَ﴾ أو لقسم محذوف معطوف أي وأقسموا لئن كشفت وجوز الزمخشري وابن عطية وغيرهما أن تكون الباء في ﴿بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ باء القسم أي قالوا ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ في كشف الرجز مقسمين ﴿بِمَا عَهِدَ عِندَكَا لَـاِن كَشَفْتَ﴾ أو وأقسموا ﴿بِمَا عَهِدَ عِندَكَا لَـاِن كَشَفْتَ﴾ والمعنى ﴿لَـاِن كَشَفْتَ﴾ بدعائك وفي قولهم لنؤمنن لك دلالة على أنه طلب منهم الإيمان كما أنه طلب منهم إرسال بني إسرائيل وقدّموا الإيمان لأنه المقصود الأعظم الناشىء منه الطواعية وفي إسناد الكشف إلى موسى حيدة عن إسناده إلى الله تعالى لعدم إقرارهم بذلك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٢
﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَـالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ في الكلام حذف دل عليه المعنى وهو فدعا موسى فكشف عنهم الرجز وأسند تعالى الكشف إليه لأنه هو الكاشف حقيقة فلما كان من قولهم أسندوه إلى موسى وهو إسناد مجازي ولما كان إخباراً من الله أسنده تعالى إليه لأنه إسناد حقيقي ولما كان الرجز من جملة أخرى غير مقولة لهم حسن إظهاره دون ضميره وكان جائزاً أن يكون التركيب في غير القرآن ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ﴾ ومعنى ﴿إِلَى أَجَلٍ هُم بَـالِغُوهُ﴾ إلى حد من الزمان هم بالغوه لا محالة فيعذبون فيه لا ينفعهم ما تقدّم لهم من الإمهال وكشف العذاب إلى حلوله قاله الزمخشري، وقال ابن عطية : يريد به غاية كل واحد منهم بما يخصّه من الهلاك والموت هذا اللازم من اللفظ كما تقول أخرت كذا إلى وقت كذا وأنت لا تريد
٣٧٤