صدف جمع صدوف، كصبور وصبر. وقيل : صدف مال مأخوذ من الصدف في البعير، وهو أن يميل خفه من اليد إلى الرجل من الجانب الوحشيّ، والصدفة واحدة الصدف وهي المحارة التي يكون فيها الدر. قال الشاعر :
وزادها عجباً أن رحت في سمكوما درت دورانَ الدرِّ في الصَّدف
الخزانة ما يحفظ فيه الشيء مخافة أن ينال، ومنه فإنما يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته وهي بفتح الخاء. وقال الشاعر :
إذا المرء لم يخزن عليه لسانهفليس على شيء سواه بخزّان
الطرد الإبعاد بإهانة والطريد المطرود، وبنو مطرود وبنو طراد فخذان من إياد.
﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَا﴾ إنما يستجيب للإيمان الذين يسمعون سماع قبول وإصغاء كما قال :﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَه قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ويستجيب بمعنى يجيب. وفرّق الرماني بين أجاب واستجاب بأن استجاب فيه قبول لما دعي إليه. قال :﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَه وَنَجَّيْنَـاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾ وليس كذلك أجاب لأنه قد يجيب بالمخالفة.
قال الزمخشري يعني أن الذين تحرص على أن يصدقوك بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون، وإنما يستجيب من يسمع كقوله ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ﴾.
وقال ابن عطية هذا من النمط المتقدم في التسلية، أي لا تحفل بمن أعرض فإنما يستجيب لداعي الإيمان الذين يفهمون الآيات ويتلقون البراهين بالقبول فعبر عن ذلك كله بيسمعون. إذ هو طريق العلم بالنبوة والآيات المعجزة. وهذه لفظة تستعملها الصوفية إذا بلغت الموعظة من أحد مبلغاً شافياً قالوا استمع ﴿وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ الظاهر أن هذه جملة مستقلة من مبتدأ وخبر، والظاهر أن الموت هنا والبعث حقيقة وذلك إخبار من الله تعالى أن الموتى على العموم من مستجيب وغير مستجيب، يبعثهم الله فيجازيهم على أعمالهم وجاء لفظ الموتى عاماً لإشعار ما قبله بالعموم في قوله ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَا﴾ إذ الحصر يشعر بالقسم الآخر وهو أن من لا يسمع سماع قبول، لا يستجيب للإيمان وهم الكفار. وصار في الإخبار عن الجميع بالبعث والرجوع إلى جزاء الله تعالى، تهديد ووعيد شديد لمن لم يستحب وتظافرت أقوال المفسرين أن قوله والموتى يراد به الكفار. سموا بالموتى كما سموا بالصمِّ والبكم والعمي
١١٧
وتشبيه الكافر بالميت من حيث إنّ الميت جسده خالٍ عن الروح، فيظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات. وأصلح أحواله دفنه تحت التراب. والكافر روحه خالية عن العقل فيظهر منه جهله بالله تعالى ومخالفاته لأمره وعدم قبوله لمعجزات الرسل، وإذا كانت روحه خالية من العقل كان مجنوناً فأحسن أحواله أن يقيَّد ويحبس. فالعقل بالنسبة إلى الرّوح كالروح بالنسبة إلى الجسد. وإذا كان المراد بالموتى هنا الكفار فقيل البعث يراد به حقيقته من الحشر يوم القيامة والرجوع هو رجوعهم إلى سطوته وعقابه، قاله مجاهد وقتادة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٦
وعلى هذا تكون هذه الجملة متضمنة الوعيد للكفار. وقيل الموت والبعث حقيقة والجملة مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة بأنه هو الذي يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ للجزاء، فكان قادراً على هؤلاء الموتى بالكفر أن يحييهم بالإيمان وأنت لا تقدر على ذلك قاله الزمخشري. وقيل الموت والبعث مجازان استعير الموت للكفر والبعث للإيمان.
فقيل الجملة من قوله والموتى يبعثهم الله مبتدأ وخبر أي والموتى بالكفر يحييهم الله بالإيمان.
وقيل ليس جملة بل الموتى معطوف على الذين يسمعون، ويبعثهم الله جملة حالية. والمعنى إنما يستجيب الذين يسمعون سماع قبول، فيؤمنون بأول وهلة والكفار حتى يرشدهم الله تعالى ويوفقهم للإيمان، فلا تتأسف أنت ولا تستعجل ما لم يقدر.
وقرىء ثم إليه يرجعون بفتح الياء من رجع اللازم.
﴿وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِا﴾ قال ابن عباس نزلت في رؤساء قريش سألوا الرسول آية تعنتاً منهم، وإلا فقد جاءهم بآيات كثيرة فيها مقنع انتهى.
والضمير في وقالوا عائد على الكفار، ولولا تحضيض بمعنى هلا.
﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ ءَايَةً﴾ أي مهما سألتموه من إنزال آية الله قادر على ذلك. كما أنزل الآيات السابقة فلا فرق في تعلق القدرة بالآيات المقترحة على سبيل التعنت والآيات التي لم تقترح وقد اقترحتم آيات كانشقاق القمر فلم تجد عليكم ولا أثرت فيكم، وقلتم هذا سحر مستمر ولم تعتدوا بما أنزل مع كثرته حتى كأنه لم ينزل شيء من الآيات، لأن دأبكم العناد في آيات الله.
وقال الزمخشري على أن ينزل آية يضطرهم إلى الإيمان كنتق الجبل على بني إسرائيل أو آية أن يجحدوها جاءهم العذاب.


الصفحة التالية
Icon