جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٤١
يجئك بملئها طوراً وطورايجيء بحماة وقليل ماء
وعلى هذا لا يكون حمأ بينه وبين مفرده تاء التأنيث لاختلاف الوزن. السموم : إفراط الحر، يدخل في المسام حتى يقتل من نار أو شمس أو ريح. وقيل : السموم بالليل، والحر بالنهار.
﴿الارَا تِلْكَ ءَايَـاتُ الْكِتَـابِ وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ * رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الامَلُا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ * مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَـاْخِرُونَ﴾ : هذه السورة مكية بلا خلاف، ومناسبتها لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر في
٤٤٣
آخر السورة قبلها أشياء من أحوال القيامة من تبديل السموات والأرض، وأحوال الكفار في ذلك اليوم، وأنّ ما أتى به هو على حسب التبليغ والإنذار، ابتدأ في هذه السورة بذكر القرآن الذي هو بلاغ للناس، وأحوال الكفرة، وودادتهم لو كانوا مسلمين. قال مجاهد وقتادة : الكتاب هنا ما نزل من الكتب قبل القرآن، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن، وعطفت الصفة عليه، ولم يذكر الزمخشري إلا أن تلك الإشارة لما تضمنته السورة من الآيات قال : والكتاب والقرآن المبين السورة، وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى : تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتاباً، وآي قرآن مبين كأنه قيل : والكتاب الجامع للكمال والغرابة في الشأن، والظاهر أنّ ما في ربما مهيئة، وذلك أنها من حيث هي حرف جر لا يليها إلا الأسماء، فجيء بما مهيئة لمجيء الفعل بعدها. وجوزوا في ما أنْ تكون نكرة موصوفة، ورب جازة لها، والعائد من جملة الصفة محذوف تقديره : رب شيء يوده الذين كفروا. ولو كانوا مسلمين بدل من ما على أنّ لو مصدرية. وعلى القول الأول تكون في موضع نصب على المفعول ليود، ومن لا يرى أنْ لو تأتي مصدرية جعل مفعول يود محذوفاً. ولو في لو كانوا مسلمين حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وجواب لو محذوف أي : ربما يود الذين كفروا الإسلام لو كانوا مسلمين لسروا بذلك وخلصوا من العذاب، ولما كانت رب عند الأكثرين لا تدخل على مستقبل تأولوا يود في معنى ودّ، ولما كان المستقبل في إخبار الله لتحقق وقوعه كالماضي، فكأنه قيل : ود، وليس ذلك بلازم، بل قد تدخل على المستقبل لكنه قليل بالنسبة إلى دخولها على الماضي. ومما وردت فيه للمستقبل قول سليم القشيري :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٤١
ومعتصم بالجبن من خشية الردىسيردي وغاز مشفق سيؤب
وقول هند أم معاوية :
يا رب قائلة غدايا لهف أم معاوية
وقول جحدر :
فإن أهلك فرب فتى سيبكيعليّ مهذب رخص البنان
في عدة أبيات. وقول أبي عبد الله الرازي : أنهم اتفقوا على أنّ كلمة رب مختصة بالدخول على الماضي لا يصح، فعلى هذا لا يكون يودّ محتاجاً إلى تأويل. وأما من تأول ذلك على إضمار كان أي : ربما كان يودّ فقوله ضعيف، وليس هذا من مواضع إضمار كان. ولما كان عند الزمخشري وغيره أنّ رب للتقليل احتاجوا إلى تأويل مجيء رب هنا، وطول الزمخشري في تأويل ذلك. ومن قال : إنها للتكثير، فالتكثير فيها هنا ظاهر، لأنّ ودادتهم ذلك كثيرة. ومن قال : إنّ التقليل والتكثير إنما يفهم من سياق الكلام لا من موضوع رب، قال : دل سياق الكلام على الكثرة. وقيل : تدهشهم أهوال ذلك اليوم فيبقون مبهوتين، فإن كانت منهم إفاقة في بعض الأوقات من سكرتهم تمنوا، فلذلك قلل. وقرأ عاصم، ونافع : ربما بتخفيف الباء، وباقي السبعة بتشديدها. وعن أبي عمر : والوجهان. وقرأ طلحة بن مصرف، وزيد بن علي، ريتما بزيادة تاء. ومتى يودون ذلك ؟ قيل : في الدنيا. فقال الضحاك : عند معاينة الموت. وقال ابن مسعود : هم كفار قريش ودّوا ذلك في يوم بدر حين رأوا الغلبة للمسلمين. وقيل : حين حل بهم ما حل من تملك المسلمين أرضهم وأموالهم ونساءهم، ودُّوا ذلك قبل أن يحل بهم ما حل. وقيل : ودوا ذلك في الآخرة إذا أخرج عصاة المسلمين من النار قاله : ابن عباس، وأنس بن مالك،
٤٤٤
ومجاهد، وعطاء، وأبو العالية، وإبراهيم، ورواه أبو موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٤١