والمثاني جمع مثناة، والمثنى كل شيء يثني أي : يجعل اثنين من قولك : ثنيت الشيء ثنياً أي عطفته وضممت آليه آخر، ومنه يقال لركبتي الدابة ومر فقيه : مثاني، لأنه يثني بالفخذ والعضد. ومثاني الوادي معاطفه. فتقول : سبعاً من المثاني مفهوم سبعة أشياء من جنس الأشياء التي تثني، وهذا مجمل، ولا سبيل إلى تعيينه إلا بدليل منفصل. قال ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وابن جبير : السبع هنا هي السبع الطوال : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، وبراءة، لأنهما في حكم سورة، ولذلك لم يفصل بينهما بالتسمية. وسميت الطوال مثاني لأنّ الحدود والفرائض والأمثال ثنيت فيها قاله ابن عباس، وعلى قوله من لبيان الجنس. وقيل : السابعة سورة يونس قاله ابن جبير، وقيل : براءة وحدها، قاله أبو مالك. والمثاني على قول هؤلاء وابن عباس في قوله المتقدم : القرآن. كما قال تعالى :﴿كِتَـابًا مُّتَشَـابِهًا مَّثَانِيَ﴾ وسمي بذلك لأنّ القصص والأخبار تثني فيه وتردّد. وقيل : السبع آل حميم، أو سبع صحائف وهي الأسباع. وقيل : السبع هي المعاني التي أنزلت في القرآن : أمر، ونهي، وبشارة، وإنذار، وضرب أمثال، وتعداد النعم، وإخبار الأمم. قاله زياد بن أبي مريم. وقال عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس أيضاً، والحسن، وأبو العالية، وابن أبي مليكة، وعبيد بن عمير، وجماعة : السبع هنا هي آيات الحمد. قال ابن عباس : وهي سبع ببسم الله الرحمن الرحيم. وقال غيره : سبع دون البسملة. وقال أبو العالية : لقد نزلت هذه السورة وما نزل من السبع الطوال شيء، ولا ينبغي أن يعدل عن هذا القول، بل لا يجوز العدول عنه لما في حديث أبيَ ففي آخره، "هي السبع المثاني" وحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم :"إنها السبع المثاني وأمّ القرآن وفاتحة الكتاب" وسميت بذلك لأنها تثني في كل ركعة. وقيل : لأنها يثني بها على الله تعالى جوزه الزجاج. قال ابن عطية : وفي هذا القول من جهة التصريف نظر انتهى. ولا نظر في ذلك، لأنها جمع مثنى بضم الميم مفعل من أثنى رباعياً أي : مقر
٤٦٥
ثناء على الله تعالى أي : فيها ثناء على الله تعالى. وقال ابن عباس : لأن الله استثناها لهذه الأمة ولم يعطها لغيرها، وقال نحوه ابن أبي مليكة. وعلى هذا التفسير الوارد في الحديث تكون من لبيان الجنس، كأنه قيل : التي هي المثاني، وكذا في قول من جعلها أسباع القرآن، أو سبع المعاني. وأما من جعلها السبع الطوال أو آل حميم فمن للتبعيض، وكذا في قول من جعل سبعاً الفاتحة والمثاني القرآن. قال الزمخشري : يجوز أن تكون كتب الله كلها مثاني، لأنها تثني عليه، ولما فيها من المواعظ المكررة، ويكون القرآن بعضها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥٥


الصفحة التالية
Icon