وقرأ الجمهور : السقف مفرداً، والأعرج السقف بضمتين وزيد بن علي ومجاهد، بضم السين فقط. وتقدم توجيه مثل هاتين القراءتين في وبالنجم. وقرأت فرقة : السقف بفتح السين وضم القاف، وهي لغة في السقف، ولعل السقف مخفف منعه، ولكنه كثر استعماله كما قالوا في رجل رجل وهي لغة تميمية. ولما ذكر تعالى ما حل بهم في دار الدنيا، ذكر ما يحل بهم في الآخرة. ويخزيهم : يعم جميع المكاره التي تحل بهم، ويقتضي ذلك إدخالهم النار كقوله :﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُا﴾ أي أهنته كل الإهانة. وجمع بين الإهانة بالفعل، والإهانة بالقول بالتقريع والتوبيخ في قوله : يخزيهم. ويقول : أين شركائي، أضاف تعالى الشركاء إليه، والإضافة تكون بأدنى ملابسة، والمعنى : شركائي في زعمكم، إذ أضاف على الاستهزاء. وقرأ الجمهور : شركائي ممدوداً مهموزاً مفتوح الياء، وفرقة كذلك : تسكنها، فسقط في الدرج لالتقاء الساكنين. والبزي عن ابن كثير بخلاف عنه : مقصوراً وفتح الياء هنا خاصة. وروي عنه : ترك الهمز في القصص والعمل
٤٨٥
على الهمز فيه وقصر الممدود، وذكروا أنه من ضرورة الشعر، ولا ينبغي ذلك لثبوته في هذه القراءة، فيجوز قليلاً في الكلام. والمشاقة : المفاداة والمخاصمة للمؤمنين. وقرأ الجمهور : تشاقون بفتح النون، وقرأ نافع بكسرها، ورويت عن الحسن، ولا يلتفت إلى تضعيف أبي حاتم هذه القراءة. وقرأت فرقة : بتشديدها، أدغم نون الرفع في نون الوقاية. والذين أوتوا العلم، عام فيمن أوتي العلم من الأنبياء، وعلماء أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم، فلا يلتفتون إليهم، وينكرون عليهم. وقيل : هم الملائكة، وقاله ابن عباس. وقيل : الحفظة من الملائكة. وقيل : من حضر الموقف من ملك وأنسي، وغير ذلك. وقال يحيى بن سلام : هم المؤمنون انتهى. ويقول أهل العلم : شماتة بالكفار وتسميعاً لهم، وفي ذلك إعظام للعلم، إذ لا يقول ذلك إلا أهله ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّـاهُمُ الملائكة ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ﴾ تقدم تفسيره في سورة النساء. والظاهر أنّ الذين صفة للكافرين، فيكون ذلك داخلاً في القول. فإن كان القول يوم القيامة فيكون تتوفاهم حكاية حال ماضية، وإن كان القول في الدنيا لما أخبر تعالى أنه يخزيهم يوم القيامة ويقول لهم ما يقول قال أهل العلم : إذا أخبر الله تعالى بذلك أن الخزي اليوم الذي أخبر الله أنه يخزيهم فيه، فيكون تتوفاهم على بابها. ويشمل من حيث المعنى من توفته، ومن تتوفاه. ويجوز أن يكون الذين خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون منصوباً على الذم، فاحتمل أن يكون مقولاً لأهل العلم، واحتمل أنْ يكون غير مقول، بل من إخبار الله تعالى. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الذين مرتفعاً بالابتداء منقطعاً مما قبله، وخبره في قوله : فألقوا السلم، فزيدت الفاء في الخبر، وقد يجيء مثل هذا انتهى. وهذا لا يجوز إلا على مذهب الأخفش، فإنه يجيز : زيد فقام، أي قام. ولا يتوهم أنّ الفاء هي الداخلة في خبر المبتدإ إذا كان موصولاً، وضمن معنى الشرط، لأنه لا يجوز دخولها في مثل هذا الفعل مع صريح الشرط، فلا يجوز فيما ضمن معناه. وقرأ حمزة، والأعمش : يتوفاهم بالياء من أسفل في الموضعين. وقرىء : بإدغام تاء المضارعة في التاء بعدها، وفي مصحف عبد الله بتاء واحدة في الموضعين. والسلم هنا الاستسلام. قاله الأخفش، أو الخضوع قاله مقاتل. أي، انقادوا حين عاينوا الموت قد نزل بهم. وقيل : في القيامة انقادوا وأجابوا بما كانوا على خلافه في الدنيا من الشقاق والكبر. والظاهر عطف فألقوا على تتوفاهم، وأجاز أبو البقاء أن يكون معطوفاً على قوله : الذين، وأن يكون مستأنفاً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧١


الصفحة التالية
Icon