ونهى تعالى عن ضرب الأمثال لله، وضرب الأمثال تمثيلها والمعنى هنا : تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به، لأن من يضرب الأمثال مشبه حالاً بحال. وقصة بقصة من قولهم : هذا ضرب لهذا أي : مثل، والضرب النوع. تقول : الحيوان على ضروب أي أنواع، وهذا من ضرب واحد أي : من نوع واحد. وقال ابن عباس : معناه لا تشبهوه بخلقه انتهى. وقال : إن الله يعلم أثبت العلم لنفسه، والمعنى : أنه يعلم ما تفعلون من عبادة غيره والإشراك به، وعبر عن الجزاء بالعلم : وأنتم لا تعلمون كنه ما أقدمتم عليه، ولا وبال عاقبته، فعدم علمكم بذلك جركم وجرأكم وهو كالتعليل للنهي عن الإشراك. قال الزمخشري : ويجوز أن يراد أنّ الله يعلم كيف نضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون انتهى. وقاله ابن السائب قال : يعلم بضرب المثل، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقال مقاتل : يعلم أنه ليس له شريك، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقيل : يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطته.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٩٩
٥١٧
الكل : الثقيل، وقد يسمى اليتيم كلا لثقله على من يكفله. وقال الشاعر :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥١٧
أكول لمال الكل قبل شبابهإذا كان عظم الكل غير شديد والكل أيضاً الذي لا ولد له ولا والد، والكل العيال، والجمع كلول. اللمح : النظر بسرعة، لمحه لمحاً ولمحاناً. الجو : مسافة ما بين السماء والأرض، وقيل : هو ما يلي الأرض في سمت العلو، واللوح والسكاك أبعد منه. الظعن : سير البادية في الانتجاع والتحول من موضع إلى موضع، والظعن الهودج أيضاً. الصوف للضأن، والوبر للإبل، والشعر للمعز، قاله أهل اللغة في قوله : ومن أصوافها الآية. الأثاث : قال المفضل متاع البيت كالفرش والأكسية، وقال الفراء : لا واحد له من لفظه، كما أنّ المتاع لا واحد له من لفظه، ولو جمعت لقلت : أأثثة في القليل، وأثث في الكثير. وقال أبو زيد : واحده أثاثه، وقال الخليل : أصله من قولهم أثث النبات والشعر، فهو أثيث إذا كثر. قال امرؤ القيس :
وفرع يزين المتن أسود فاحم
أثيت كقنو النخلة المتعثكل
الكن ما حفظ، ومنع من الريح والمطر وغير ذلك، ومن الجبال الغار. استعتبت الرجل بمعنى أعتبته أي : أزلت عنه ما يعتب عليه ويلام، والاسم العتبى، وجاءت استفعل بمعنى أفعل نحو استدينته وأدينته. ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ وَمَن رَّزَقْنَـاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ﴾ : مناسبة ضرب هذا المثل أنه لما بين تعالى ضلالهم في إشراكهم بالله غيره وهو لا يجلب نفعاً ولا ضراً لنفسه ولا لعابده، ضرب لهم مثلاً قصة عبد في ملك غيره، عاجز عن التصرف،
٥١٨
وحر غني متصرف فيما آتاه الله. فإذا كان هذان لا يستويان عندكم مع كونهما من جنس واحد، ومشتركين في الإنسانية، فكيف تشركون بالله وتسوون به من مخلوق له مقهور بقدرته من آدمي وغيره، مع تباين الأوصاف. وأنّ موجد الوجود لا يمكن أن يشبهه شيء من خلقه، ولا يمكن لعاقل أن يشبه به غيره. قال مجاهد : هذا مثل لله وللأصنام. وقال قتادة : للمؤمن والكافر فالكافر العبد المملوك لا ينتفع بعبادته في الآخرة، ومن رزقناه المؤمن. وقال ابن جبير : مثل للبخيل والسخي انتهى.
ولما كان لفظ عبد قد يطلق على الحر، خصص بمملوك. ولما كان المملوك قد يكون له تصرف وقدرة كالمأذون له والمكاتب، خصص بقوله : لا يقدر على شيء، والمعنى : على شيء من التصرف في المال، لأنه يقدر على أشياء من حركاته : كالقيام، والقعود، والأكل، والشرب، والنوم، وغير ذلك. والظاهر كون ومن موصولة أي : والذي رزقناه، ودلت الصلة وما عطف على أنه يراد به الحر. وقال أبو البقاء : موصوفة. قال الزمخشري : الظاهر أنها موصوفة كأنه قال : وحراً رزقناه ليطابق عبداً، ولا يمتنع أن تكون موصولة. وقال الحوفي : مَن بمعنى لذي، ولا يقتضي ضرب المثل لشخصين موصوفين بأوصفا متباينة تعيينهما، بل ما روي في تعيينهما من أنهما : عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد له أو أنهما أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأبو جهل، لا يصح إسناده. وجمع الضمير في يستوون ولم يثن لسبق اثنين، لأن مَن يحتمل أن يراد بها الجمع فيصير إذ ذاك جمع الضمير لانتظام العبد المملوك والأغنياء في الجمع، وكأنه قيل : عبداً مملوكاً. والملاك المرزوقون المنفقون. ويحتمل أن يراد بعبداً مملوكاً الجنس، فيصلح عود الضمير جمعاً عليه، وعلى جنس الأغنياء. ويحتمل أن يعود على العبيد والأحرار وإن لم يجر للجمعين ذكر، لدلالة عبد مملوك ومن رزقناه عليهما.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥١٧


الصفحة التالية
Icon