مسمى بالفعل كيعمر ويعيش قد سموا بيموت وهو يموت بن المزرع ابن أخت الجاحظ. وعلى أنه عربي. فقيل : سمي بذلك لأنه يحيى بالحكمة والعفة. وقيل : يحيى بهدايته إرشاده خلق كثير. وقيل لأنه يستشهد والشهداء أحياء. وقيل : لأنه يعمر زمناً طويلاً. وقيل : لأنه حيي بين شيخ كبير وأمّ عاقر. وقيل : لأنه حيي به عقر أمه وكانت لا تلد. وقال ابن عباس وقتادة والسدّي وابن أسلم : لم نسم قبله أحداً بيحيى. قال الزمخشري : وهذا شاهد على أن الأسامي الشنع جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنحي في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النفر، حتى قال القائل في مدح قوم :
شنع الأسامي مسبلي أزرحمر تمس الأرض بالهدب
وقال رؤبة للنسابة البكري : وقد سأله عن نسبه أنا ابن العجاج فقال : قصرت وعرفت انتهى. وقيل للصلت بن عطاء : كيف تقدمت عند البرامكة وعندهم من هو آدب منك، فقال : كنت غريب الدار غريب الأسم خفيف الحزم شحيحاً بالاشلاء. فذكر مما قدمه كونه غريب الاسم إذ كان اسمه الصلت. وقال مجاهد وغيره ﴿سَمِيًّا﴾ أي مثلاً ونظيراً وكأنه من المساماة والسموّ. قال ابن عطية : وهذا فيه بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى. وقال ابن عباس أيضاً لم تلد العواقر مثله.
قال الزمخشري : وإنما قيل للمثل سمّي لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد منهما سَمِي لصاحبه. وقيل : لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصوراً انتهى.
﴿وَإِنِّى ﴾ بمعنى كيف : وتقدم الكلام عليها في قوله ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَـامٌ وَقَدْ بَلَغَنِىَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِى عَاقِرٌ﴾ في آل عمران والعتيّ المبالغة في الكبر. ويبس العود. وقرأ أبو بحرية وابن أبي ليلى والأعمش وحمزة والكسائي ﴿عِتِيًّا﴾ بكسر العين وباقي السبعة بالضم وعبد الله بفتح العين وصاد صلياً جعلهما مصدرين كالعجيج والرحيل، وفي الضم هما كذلك إلاّ أنهما على فعول. وعن عبد الله ومجاهد عسياً بضم العين والسين كمسورة. وحكاها الداني عن ابن عباس وحكاها الزمخشري عن أبيّ ومجاهد يقال عتا العود وعسا يبس وجسا.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٩
﴿قَالَ كَذَالِكَ﴾ أي الأمر كذلك تصديق له ثم ابتدأ ﴿قَالَ رَبُّكَ﴾ فالكاف رفع أو نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره ﴿هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ﴾ ونحوه ﴿وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَالِكَ الامْرَ أَنَّ دَابِرَ هَـؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ﴾. وقرأ الحسن ﴿وَهُوَ عَلِيمُ﴾ ولا يخرج هذا إلاّ على الوجه الأول أي الأمر كما قلت، وهو عليّ ذلك يهون، ووجه آخر وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله لا إلى قول ذكرياء وقال : محذوف في كلتا القراءتين أي قال ﴿هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ﴾ وإن شئت لم تنوه لأن الله هو المخاطب، والمعنى أنه قال ذلك ووعده وقوله الحق قاله الزمخشري : وقال ابن عطية وقوله ﴿قَالَ كَذَالِكَ﴾ قيل إن المعنى قال له الملك ﴿كَذَالِكَ﴾ فليكن الوجود كما قيل لك ﴿قَالَ رَبُّكَ﴾ خلق الغلام ﴿عَلَىَّ هَيِّنٌ﴾ أي غير بدع وكما خلقتك قبل وأخرجتك من عدم إلى وجود كذلك أفعل الآن. وقال الطبري : معنى قوله ﴿كَذَالِكَ﴾ أي الأمر أن اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبر هو كذلك ولكن ﴿قَالَ رَبُّكَ﴾ والمعنى عندي قال الملك ﴿كَذَالِكَ﴾ أي على هذه الحال ﴿قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ﴾ انتهى. وقرأ الحسن ﴿هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ﴾ بكسر الياء. وقد أنشدوا قول النابغة :
عليّ لعمر نعمة بعد نعمةلوالده ليست بذات عقارب
بكسر ياء المتكلم وكسرها شبيه بقراءة حمزة ﴿وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِىَّ﴾ بكسر الياء. وقرأ الجمهور ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ﴾ بتاء المتكلم. وقرأ الأعمش وطلحة وابن وثاب وحمزة والكسائي خلقناك بنون العظمة ﴿وَلَمْ تَكُ شَيْـاًا﴾ أي شيئاً موجوداً. وقال الزمخشري :﴿شَيْـاًا﴾ لأن المعدوم ليس بشيء أو شيئاً يعتد به كقولهم :
١٧٥
عجبت من لا شيء إذا رأى غير شيء ظنه رجلاً.
﴿قَالَ﴾ أي زكريا ﴿رَبِّ اجْعَل لِّى ءَايَةً﴾ أي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به وطلب ذلك ليزداد يقيناً كما قال إبراهيم عليه السلام ﴿وَلَـاكِن لِّيَطْمَـاِنَّ قَلْبِى ﴾ لا لتوقف منه على صدق ما وعد به، ولا لتوهم أنه ذلك من عند غير الله لعصمة الأنبياء عن مثل ذلك. وقال الزجاج : وقعت البشارة مطلقة فلم يعرف الوقت فطلب الآية ليعرف وقت الوقوع. ﴿قَالَ رَبِّ﴾ روي عن ابن زيد أنه لما حملت زوجته بيحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم أحداً وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله، فإذا أراد مناداة أحد لم يطقه. و﴿سَوِيًّا﴾ حال من ضمير أي لا تكلم في حال صحتك ليس تك خرس ولا علة قاله الجمهور وغن ابن عباس عائد على الليالي أي كاملات مستويات فتكون صفة لثلاث، ودل ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران على أن المنع من الكلام استمر له ثلاثة أيام بلياليهن.


الصفحة التالية
Icon