وقرأ زر وعلقمة فخاطبها مكان ﴿فَنَادَاهَا﴾ وينبغي أن يكون تفسيراً لا قراءة لأنها مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه، والمنادي الظاهر أنه عيسى أي فولدته فأنطقه الله وناداها أي حالة الوضع. وقيل : جبريل وكان في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وقاله الحسن وأقسم على ذلك. قيل : وكان يقبل الولد كالقابلة. وقرأ ابن عباس ﴿فَنَادَاهَا﴾ ملك ﴿مِن تَحْتِهَآ﴾. وقرأ البراء بن عازب وابن عباس والحسن وزيد بن عليّ والضحاك وعمرو بن ميمون ونافع وحمزة والكسائي وحفص ﴿مِنْ﴾ حرف جر. وقرأ الابنان والأبوان وعاصم وزر ومجاهد والجحدري والحسن وابن عباس في رواية عنهما ﴿مِنْ﴾ بفتح الميم بمعنى الذي و﴿تَحْتِهَآ﴾ ظرف منصوب صلة لمن، وهو عيسى أي ناداها المولود قاله أبيّ والحسن وابن جبير ومجاهد و﴿ءَانٍ﴾ حرف تفسير أي ﴿أَلا تَحْزَنِى﴾ والسري في قول الجمهور الجدول. وقال الحسن وابن زيد وقتادة عظيماً من الرجال له شأن. وروي أن الحسن فسر الآية فقال : أجل لقد جعله الله ﴿سَرِيًّا﴾ كريماً فقال حميد بن عبد الرحمن : يا أبا سعيد إنما يعني بالسري الجدول، فقال الحسن لهذه وأشباهها أحب قربك، ولكن غلبنا الأمراء.
ثم أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع.
١٨٣
وقالت فَرِقة : بل كانت النخلة مطعمة رطباً. وقال السدّي : كان الجذع مقطوعاً وأجى تحته النهر لجنبه، والظاهر أن المكلم هو عيسى وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا ظهرت لها آيات تسكن إليها وحزنها لم يكن لفقد الطعام والشراب حتى تتسلى بالأكل والشرب، ولكن لما ظهر في ذلك من خرق العادة حتى يتبين لقومها أن ولادتها من غير فحل ليس ببدع من شأنها. قال ابن عباس : كان جذعاً نخراً فلما هزت إذ السعف قد طلع ثم نظرت إلى الطلع يخرج من بين السعف، ثم اخضر فصار بلحاً، ثم احمر فصار زهواً ثم رطباً كل ذلك في طرفة عين، فجعل الرطب يقع من بين يديها لا يتسرح منه شيء. وإلى حرف بلا خلاف ويتعلق بقوله وهذا جاء على خلاف ما تقرر في علم النحو من أن الفعل لا يتعدى إلى الضمير المتصل، وقد رفع الضمير المتصل وليس من باب ظن ولا فقد ولا علم وهما لمدلول واحد لا يقال : ضربتك ولا زيد ضربه أي ضرب نفسه ولا ضربني إنما يؤتى في مثل هذه التراكيب بالنفس فتقول : ضربت نفسك وزيد ضرب نفسه وضربت نفسي والضمير المجرور عندهم كالضمير المنصوب فلا تقول : هززت إليك ولا زيد هز إليه ولا هززت إلى ولهذا زعموا في قول الشاعر :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٩
دع عنك نهياً صيح في حجراتهولكن حديثاً ما حدثت الرواحل
وفي قول الآخر :
وهوّن عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها
إنّ عن وعلى ليسا حرفين وإنما هما اسمان ظرفان، وهذا ليس ببعيد لأن عن وعلى قد ثبت كونهما اسمين في قوله :
من عن يمين الحبيا نظرة قبل
وفي قوله :
غدت من عليه بعدما تم ظمؤها
وبعض النحويين زعم أن على لا تكون حرفاً البتة، وأنها اسم في كل مواردها ونسب إلى سيبويه، ولا يمكن أن يدعي أن إلى تكون اسماً لإجماع النحاة على حرفىتها كما قلنا. ونظير قوله تعالى ﴿أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾ قوله تعالى ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ وعلى تقرير تلك القاعدة ينبغي تأويل هذين، وتأويله على أن يكون قوله ﴿إِلَيْكِ﴾ ليس متعلقاً بهزي ولا باضم، وإنما ذلك على سبيل البيان والتقدير أعني إليك فهو متعلق بمحذوف كما قالوا في قوله ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّـاصِحِينَ﴾ وما أشبهه على بعض التأويلات. والباء في ﴿بِجِذْعِ﴾ زائدة للتأكيد كقوله ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. قال أبو عليّ كما يقال : ألقى بيده أي ألقى يده. وكقوله :
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
أي لا يقرأن السور. وأنشد الطبري :
فؤاد يمان ينبت السدر صدرهوأسفله بالمرخ والسهان
وقال الزمخشري أو على معنى أفعلي الهز به. كقوله :
يخرج في عراقيبها نصلي
قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك، وقالوا : كان من العجوة قاله محمد بن كعب. وقيل : ما للنفساء خير من الرطب. وقيل : أذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب. وقرأ الجمهور ﴿تُسَـاقِطْ﴾ بفتح التاء والسين وشدها بعد ألف وفتح القاف. وقرأ الأعمش وطلحة وابن وثاب ومسروق وحمزة كذلك إلاّ أنهم خففوا السين. وقرأ حفص ﴿تُسَـاقِطْ﴾ مضارع ساقطت. وقرأ أبو السمال تتساقط بتاءين. وقرأ البراء بن عازب والأعمش في رواية يساقط بالياء من تحت مضارع أساقط. وقرأ أبو حيوة ومسروق. تسقط بالتاء من فوق مضمومة وكسر القاف.
١٨٤