البناء هداً كسره. وقال المبرد : هو سقوط بصوت شديد، والهدة صوت وقع الحائط ونحوه يقال : هديهد بالكسر هديداً. وقال الليث : الهد الهدم الشديد. الركز : الصوت الخفي، ومنه ركز الرمح غيب طرفه في الأرض، والركاز المال المدفون. وقيل : الصوت الخفي دون نطق بحروف ولا فم. قال الشاعر :
فتوجست ركز الأنيس فراعهاعن ظهر غيب والأنيس سقامها
﴿وَاذْكُرْ فِى الْكِتَـابِ مُوسَى ا إِنَّه كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَنَـادَيْنَـاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الايْمَنِ وَقَرَّبْنَـاهُ نَجِيًّا * وَوَهَبْنَا لَه مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَـارُونَ نَبِيًّا * وَاذْكُرْ فِى الْكِتَـابِ إِسْمَـاعِيلَا إِنَّه كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَه بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِا مَرْضِيًّا * وَاذْكُرْ فِى الْكِتَـابِ إِدْرِيسَا إِنَّه كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَـاهُ مَكَانًا عَلِيًّا * أُوالَئاِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّـانَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَا ءِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَآا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُ الرَّحْمَـانِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٢
قرأ الكوفيون ﴿مُخْلَصًا﴾ بفتح اللام وهي قراءة أبي رزين ويحيى وقتادة، أي أخلصه الله للعبادة والنبوة. كما قال تعالى ﴿إِنَّآ أَخْلَصْنَـاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾. وقرأ باقي السبعة والجمهور بكسر اللام أي أخلص العبادة عن الشرك والرياء، أو أخلص نفسه وأسلم وجهه لله.
١٩٨
ونداؤه إياه هو تكليمه تعالى إياه. و﴿الطُّورِ﴾ الجبل المشهور بالشام، والظاهر أن ﴿الايْمَنِ﴾ صفة للجانب لقوله في آية أخرى ﴿جَانِبِ الطُّورِ الايْمَنِ﴾ بنصب الأيمن نعتاً لجانب الطور، والجبل نفسه لا يمنة له ولا يسرة ولكن كان على يمين موسى بحسب وقوفه فيه، وإن كان من اليمن احتمل أن يكون صفة للجانب وهو الراجح ليوافق ذلك في الآيتين، واحتمل أن يكون صفة للطور إذ معناه الأسعد المبارك.
قال ابن القشيري : في الكلام حذف وتقديره ﴿وَنَـادَيْنَـاهُ﴾ حين أقبل من مدين ورأى النار من الشجرة وهو يريد من يهديه إلى طريق مصر ﴿مِن جَانِبِ الطُّورِ﴾ أي من ناحية الجبل. ﴿وَقَرَّبْنَـاهُ نَجِيًّا﴾ قال الجمهور : تقريب التشريف والكلام واليوم. وقال ابن عباس : أدنى موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام، وقاله أبو العالية وميسرة. وقال سعيد : أردفه جبريل عليه السلام. قال الزمخشري : شبهه بمن قربه بعض العظماء للمناجاة حيث كلمه بغير واسطة ملك انتهى. ونجي فعيل من المناجاة بمعنى مناج كالجليس، وهو المنفرد بالمناجاة وهي المسارة بالقول. وقال قتادة : معنى نجاه صدقه ومن في من رحمتنا للسبب أي من أجل رحمتنا له أو للتبعيض أي بعض رحمتنا.
قال الزمخشري : و﴿أَخَاهُ﴾ على هذا الوجه بدل و﴿هَـارُونَ﴾ عطف بيان كقولك رأيت رجلاً أخاك زيداً انتهى. والذي يظهر أن أخاه مفعول بقوله ﴿وَوَهَبْنَا﴾ ولا ترادف من بعضاً فتبدل منها، وكان هارون أسن من موسى طلب من الله أن يشد أزره بنبوته ومعونته فأجابه و﴿إِسْمَـاعِيلَ﴾ هو ابن إبراهيم أبو العرب يمينها ومضريها وهو قول الجمهور. وقيل : إنه إسماعيل بن حزقيل، بعثه الله إلى قومه فشجوا جلدة رأسه فخيره فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته، وصدق وعده أنه كانت منه مواعيد لله وللناس فوفى بالجميع، فلذلك خص بصدق الوعد. قال ابن جريج : لم يعد ربه موعدة إلاّ أنجزها، فمن مواعيده الصبر وتسليم نفسه للذبح، ووعد رجلاً أن يقيم له بمكان فغاب عنه مدة. قيل : سنة. وقيل : اثني عشر يوماً فجاءه، فقال : أما برحت من مكانك ؟ فقال : لا والله، ما كنت لأخلف موعدي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٢


الصفحة التالية
Icon