فليت فلاناً كان في بطن أمهوليت فلاناً كان ولد حمار وقرأ عبد الله ويحيى بن يعمر بكسر الواو وسكون اللام والهمزة في اطلع للاستفهام، ولذلك عادلتها ﴿أَمِ﴾. وقرىء بكسر الهمزة في الابتداء وحذفها في الوصل على تقدير حذف همزة الاستفهام لدلالة ﴿أَمِ﴾ عليها كقوله :
بسبع رمين الجمر أم بثمان
يريد أبسبع، وجاء التركيب في أرأيت على الوضع الذي ذكره سيبويه من أنها تتعدى لواحد تنصبه، ويكون الثاني استفهاماً فأطلع وما بعده في موضع المفعول الثاني لأرأيت، وما جاء من تركيب أرأيت بمعنى أخبرني على خلاف هذا في الظاهر ينبغي أن يرد إلى هذا بالتأويل.
قال الزمخشري :﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ﴾ من قولهم : أطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه واطلع الثنية. قال جرير :
لاقيت مطلع الجبال وعوراً
وتقول : مر مطلعاً لذلك الأمر أي عالياً له مالك له، ولاختيار هذه الكلمة شأن تقول : أو قد بلغ من عظمة شأنه أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار، والمعنى أن ما ادعى أن يؤتاه وتألى عليه لا يتوصل إليه إلاّ بأحد هذين الطريقين، إما علم الغيب، وإما عهد من عالم الغيب فبأيهما توصل إلى ذلك.
والعهد. قيل كلمة الشهادة. وقال قتادة : هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول. وعن الكلبي : هل عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك. و﴿كَلا ﴾ ردع وتنبيه على الخطأ الذي هو مخطىء فيما تصوره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه. وقرأ أبو نهيك ﴿كَلا ﴾ بالتنوين فيهما هنا وهو مصدر من كلّ السيف كلاً إذا نبا عن الضريبة، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه وتقديره كلوا كلاً عن عبادة الله أو عن الحق. ونحو ذلك،
٢١٣
وكنى بالكتابة عن ما يترتب عليها من الجزاء. فلذلك دخلت السين التي للاستقبال أي سنجازيه على ما ما يقول. وقال الزمخشري : فيه وجهان.
أحدهما : سيظهر له ونعلمه إنّا كتبنا قوله على طريقه قوله :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمةٌ
أي تبين وعلم بالانتساب أني لست ابن لئيمة.
والثاني : أن المتوعد يقول للجاني سوف أنتقم منك يعني أنه لا يبخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان، واستأخر فجردها هنا لمعنى الوعيد انتهى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٢
وقرأ الجمهور ﴿سَنَكْتُبُ﴾ بالنون والأعمش بياء مضمومة والتاء مفتوحة مبنياً للمفعول، وذكرت عن عاصم ﴿وَنَمُدُّ﴾ أي نطول له ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾ الذي يعذب به المستهزئون أو نزيده من العذاب ونضاعف له المدد. وقرأ عليّ بن أبي طالب ﴿وَنَمُدُّ لَهُ﴾ يقال مده وأمده بمعنى ﴿وَنَرِثُه مَا يَقُولُ﴾ أُي نسلبه المال والولد فنكون كالوارث له. وقال الكلبي : نجعل ما يتمنى من الجنة لغيره. وقال أبو سهيل : نحرمه ما يتمناه من المال والولد ونجعله لغيره. قال الزمخشري : ويحتمل أنه قد تمنى وطمع أن يؤتيه الله في الدنيا مالاً وولداً، وبلغت به أشعبيته أن تأليّ على الله في قوله ﴿لاوتَيَنَّ﴾ لأنه جواب قسم مضمر، ومن يتألَّ على الله يكذبه فيقول الله عز وعلا : هب أنّا أعطيناه ما اشتهاه أما نرثه منه في العاقبة ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ غداً بلا مال ولا ولد كقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا﴾ الآية فما يجدي عليه تمنيه وتأليه. ويحتمل أن هذا القول إنما يقوله ما دام حياً، فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله ﴿يَقُولُ وَيَأْتِينَا﴾ رافضاً له عنه غير قائل له انتهى.
وقال النحاس :﴿مَدًّا * وَنَرِثُه مَا يَقُولُ﴾ معناه نحفظه عليه للعاقبة ومنه العلماء ورثة الأنبياء أي حفظة ما قالوه انتهى. و﴿فَرْدًا﴾ تتضمن ذلته وعدم أنصاره، و﴿يَقُولُ﴾ صلة ﴿مَا﴾ مضارع، والمعنى على الماضي أي ما قال. والضمير في ﴿وَاتَّخَذُوا ﴾ العبادة الأصنام وقد تقدم ما يعود عليه وهم الظالمون في قوله ﴿وَّنَذَرُ الظَّـالِمِينَ﴾ فكل ضمير جمع ما بعده عائد عليه إن كان مما يمكن عوده عليه، واللام في ﴿لِّيَكُونُوا ﴾ لام كي أي ﴿لِّيَكُونُوا ﴾ أي الآلهة ﴿لَهُمْ عِزًّا﴾ يتعززون بها في النصرة والمنفعة والإنقاذ من العذاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٢


الصفحة التالية
Icon