وقرأ أبو جعفر وشيبة لا نَخلُفْهُ بجزم الفاء على أنه جواب الأمر. وقرأ الجمهور برفعها صفة لموعد. وقال الحوفي ﴿مَّوْعِدًا﴾ مفعول اجعل ﴿مَكَانًا﴾ طرف العامل فيه اجعل. وقال أبو علي ﴿مَّوْعِدًا﴾ مفعول أولا لأجعل و﴿مَكَانًا﴾ مفعول ثان، ومنع أن يكون ﴿مَكَانًا﴾ معمولاً لقوله ﴿مَّوْعِدًا﴾ لأنه قد وصف. قال ابن عطية : وهذه الأسماء العاملة عمل الفعل إذا نعتت أو عطف عليها أو أخبر عنها أو صغرت أو جمعت وتوغلت في الأسماء كمثل هذا لم تعمل ولا يعلق بها شيء هو منها، وقد يتوسع في الظروف فيعلق بعد ما ذكرنا لقوله عز وجل ﴿يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الايمَـانِ﴾ فقوله إذ متعلق بقوله لمقت. وهو قد أخبر عنه وإنما جاز هذا في الظروف خاصة ومنع قوم أن يكون ﴿مَكَانًا﴾ نصباً على المفعول الثاني لنخلفه، وجوزه جماعة من النحاة ووجهه أن يتسع في أن يحلف الموعد انتهى. وقوله إذا نعت هذا ليس مجمعاً عليه في كل عامل عمل الفعل، ألا ترى اسم الفاعل العاري عن أل إذا وصف قبل العمل في إعماله خلاف البصريون يمنعون والكوفيون يجوزون، وكذلك أيضاً إذا صغر في إعماله خلاف، وأما إذا جمع فلا يعلم خلاف في جواز إعماله، وأما المصدر إذا جمع ففي جواز إعماله خلاف، وأما استثناؤه من المعمولات الظروف فغيره يذهب إلى منع ذلك مطلقاً في المصدر، وينصب إذ بفعل يقدر بما قبله أي مقتكم إذ تدعون.
﴿وَلا أَنتَ﴾ معطوف على الضمير المستكن في ﴿تُخْلَفَهُا﴾ المؤكد بقوله ﴿نَحْنُ﴾. وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب والحسن وقتادة وطلحة والأعمش وابن أبي ليلى وأبو حاتم وابن جرير ﴿سُوًى﴾ بضم السين منوناً في الوصل. وقرأ باقي السبعة بكسرها منوناً في الوصل. وقرأ الحسن أيضاً (سُوى} بضم السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل مجرى الوقف لا أنه منعه الصرف لأن فعلاً من الصفات متصرف كحطم ولبد. وقرأ عيسى سِوَى بكسر السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل أيضاً مجرى الوقف، ومعنى بضم السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل مجرى الوقف لا أنه منعه الصرف لأن فعلاً من الصفات متصرف كحطم ولبد. وقرأ عيسى سِوَى بكسر السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل أيضاً مجرى الوقف، ومعنى ﴿سُوًى﴾ أي عدلاً ونصفة. قال أبو علي : كأنه قال قربه منكم قربه منا. وقال غيره : إنما أراد أن حالنا فيه مستوية فيعم ذلك القرآن، وأن تكون المنازل فيه واحدة في تعاطي الحق لا تعترضكم فيه الرئاسة وإنما يقصد الحجة. وعن مجاهد وهو من الاستواء لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية لا تفاوت فيها، وهذا معنى ما تقدم من قول أبي عليّ قربه منكم قربه منا. وقال الأخفش ﴿سُوًى﴾ مقصور إن كسرت سينه أو ضممت، وممدود إن فتحتها ثلاث لغات ويكون فيها جميعاً بمعنى غير وبمعنى عدل، ووسط بين الفريقين. وقال الشاعر :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٣
وإن أبانا كان حل بأهله سوىبين قيس قيس غيلان والفزر
قال : وتقول مررت برجل سواك وسواك وسواك أي غيرك، ويكون للجميع وأعلى هذه اللغات
٢٥٣
الكسر قاله النحاس. وقالت فرقة : معنى ﴿مَكَانًا سُوًى﴾ مستوياً من الأرض أي لا وَعر فيه، ولا جبل، ولا أكمة، ولا مطمئن من الأرض بحيث يسير ناظر أحد فلا يرى مكان موسى والسحرة وما يصدر عنهما، قال ذلك واثقاً من غلبة السحرة لموسى فإذا شاهدوا غلبهم إياه رجعوا عما كانوا اعتقدوا فيه. وقالت فرقة : معناه مكاناً سوى : مكاننا هذا وليس بشيء لأن سوى إذا كانت بمعنى غير لا تستعمل إلا مضافة لفظاً ولا تقطع عن الإضافة.
وقرأ الحسن والأعمش وعاصم في رواية وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري وهبيرة والزعفراني يوم الزينة بنصب الميم وتقدم تخريج هذه القراءة في كلام الزمخشري وروي أن ﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ كان عيداً لهم ويوماً مشهوداً وصادف يوم عاشوراء، وكان يوم سبت. وقيل : هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم. وقيل : يوم النيروز وكان رأس سنتهم. وقيل : يوم السبت فإنه يوم راحة ودعة. وقيل : يوم سوق لهم. وقيل : يوم عاشوراء.


الصفحة التالية
Icon