يريد} عقب ببيان من يهديه ومن لا يهديه، لأن ما قبله يقتضي أن من لا يريد هدايته لا يهديه يدل إثبات الهداية لمن يريد على نفيها عمن لا يريد، والذين أشركوا هم عبدة الأوثان والأصنام، ومن عبد غير الله. قال الزمخشري : ودخلت عقب ببيان من يهديه ومن لا يهديه، لأن ما قبله يقتضي أن من لا يريد هدايته لا يهديه يدل إثبات الهداية لمن يريد على نفيها عمن لا يريد، والذين أشركوا هم عبدة الأوثان والأصنام، ومن عبد غير الله. قال الزمخشري : ودخلت ﴿ءَانٍ﴾ على كل واحد جزأي الجملة لزيادة التأكيد، ونحوه قول جرير :
إنَّ الخليفة إنْ الله سربلهسربال ملك به ترجى الخواتيم
وظاهر هذا أنه شبه البيت بالآية، وكذلك قرنه الزجاج بالآية ولا يتعين أن يكون البيت كالآية لأن البيت يحتمل أن يكون خبر إن الخليفة قوله : به ترجى الخواتيم، ويكون إن الله سربله سربال ملك جملة اعتراضية بين اسم إن وخبرها بخلاف الآية فإنه يتعين قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ﴾ وحسن دخول ﴿ءَانٍ﴾ على الجملة الواقعة خبراً طول الفصل بينهما بالمعاطيف، والظاهر أن الفصل بينهم يوم القيامة هو بصيرورة المؤمنين إلى الجنة والكافرين إلى النار، وناسب الختم بقوله ﴿شَهِيدًا﴾ الفصل بين الفرق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٥
وقال الزمخشري : الفصل مطلق يحتمل الفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعاً فلا يجازيهم جزاءً واحداً بغير تفاوت، ولا يجمعهم في موطن واحد. وقيل ﴿يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾ يقضي بين المؤمنين والكافرين، والظاهر أن السجود هنا عبارة عن طواعية ما ذكر تعالى والانقياد لما يريده تعالى، وهذا معنى شمل من يعقل وما لا يعقل، ومن ﴿يَسْجُدُ﴾ سجود التكليف ومن لا يسجده، وعطف على ما من عبد من دون الله ففي ﴿السَّمَـاوَاتِ﴾ الملائكة كانت تعبدها و﴿الشَّمْسَ﴾ عبدتها حمير. وعبد ﴿الْقَمَرُ﴾ كنانة قاله ابن عباس. والدبران تميم. والشعرى لخم وقريش. والثريا طيىء وعطارداً أسد. والمرزم ربيعة. و﴿فِى الارْضِ﴾ من عبد من البشر والأصنام المنحوتة من ﴿الْجِبَالَ﴾ والبقر وما عبد من الحيوان. وقرأ الزهري ﴿وَالدَّوَآبِّ﴾ بتخفيف الباء. قال أبو الفضل الرازي ولا وجه لذلك إلاّ أن يكون فراراً من التضعيف مثل ظلت وقرن ولا تعارض بين قوله ﴿وَمَن فِى الارْضِ﴾ لعمومه وبين قوله ﴿وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾ لخصوصه لأنه لا يتعين عطف ﴿وَكَثِيرٌ﴾ على ما قبله من المفردات المعطوفة الداخلة تحت يسجد إذ يجوز إضمار ﴿يَسْجُدُ لَهُ﴾ كثير من الناس سجود عبادة دل عليه المعنى لا أنه يفسره ﴿يَسْجُدُ﴾ الأول لاختلاف الاستعمالين، ومن يرى الجمع بين المشركين وبين الحقيقة والمجاز بجيز عطف ﴿وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾ على المفردات قبله، وإن اختلف السجود عنده بنسبته لما لا يعقل ولمن يعقل ويجوز أن يرتفع على الابتداء، والخبر محذوف يدل على مقابلة الذين في الجملة بعده أي ﴿وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾ مثاب.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ خبراً له أي ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ الذين هم الناس على الحقيقة وهم الصالحون والمتقون، ويجوز أن يبالغ في تكثير المحقوقين بالعذاب فعطفت كثير على كثير ثم، عبر عنهم بحق عليهم العذاب كأنه قال ﴿وَكَثِيرٌ﴾ ﴿وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾ عليهم ﴿الْعَذَابِ﴾ انتهى. وهذان التخريجان ضعيفان.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٥
وقرأ جناح بن حبيش وكبير حق بالباء. وقال ابن عطية ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ يحتمل أن يكون معطوفاً على ما تقدم أي ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ يسجد أي كراهية وعلى رغمه إما بظله وإما بخضوعه عند المكاره، ونحو ذلك قاله مجاهد وقال سجوده بظله. وقرىء ﴿وَكَثِيرٌ﴾ حقاً أي ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَـالَةُ﴾ حقاً. وقرىء ﴿حَقٍّ﴾ بضم الحاء ومن مفعول مقدم بيهن. وقرأ الجمهور ﴿مِن مُّكْرِمٍ﴾ اسم فاعل. وقرأ ابن أبي عبلة بفتح الراء على المصدر أي من إكرام. قال الزمخشري : ومن أهانه الله كتب عليه الشقاوة لما سبق في علمه من كفره أو فسقه، فقد بقي مهاناً لمن يجد له مكرماً أنه يفعل ما يشاء من الإكرام والإهانة، ولا يشاء من ذلك
٣٥٩
إلاّ ما يقتضيه عمل العاملين واعتقاد المعتقدين انتهى. وفيه دسيسة الاعتزال.


الصفحة التالية
Icon