سورة النور
مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٤٤٢٥
هذه السورة مدنية بلا خلاف، ولما ذكر تعالي مشركي قريش ولهم أعمال من دون ذلك أي أعمال سيئة هم لها عاملون، واستطرد بعد
٤٢٦
ذلك إلى أحوالهم، واتخاذهم الولد والشريك، وإلى مآلهم في النار كان من أعمالهم السيئة أنه كان لهم جوار بغايا يستحسنون عليهن ويأكلون من كسبهم من الزنا، فأنزل الله أول هذه السورة تغليظاً في أمر الزنا وكان فيما ذكر وكأنه لا يصح ناس من المسلمين هموا بنكاحهن.
وقرأ الجمهور ﴿سُورَةٌ﴾ بالرفع فجوّزوا أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذه ﴿سُورَةٌ﴾ أو مبتدأ محذوف الخبر، أي فيما أوحينا إليك أو فيما يتلى عليكم. وقال ابن عطية : ويجوز أن يكون مبتدأ أو الخبر ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى﴾ وما بعد ذلك، والمعنى السورة المنزلة والمفروضة كذا وكذا إذ السورة عبارة عن آيات مسرودة لها بدء وختم إلاّ أن يكون المبتدأ ليس بالبين أنه الخبر إلاّ أن يقدر الخبر في السورة كلها وهذا بعيد في القياس و﴿أَنزَلْنَاهَا﴾ في هذه الأعاريب في موضع الصفة انتهى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٥
وقرأ عمر بن عبد العزيز ومجاهد وعيسى بن عمر الثقفي البصري وعيسى بن عمر الهمداني الكوفي وابن أبي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبي عمرو وأمَّ الدرداء ﴿سُورَةٌ﴾ بالنصب فخرج على إضمار فعل أي أتلو سورة و﴿أَنزَلْنَاهَا﴾ صفة. قال الزمخشري : أو على دونك ﴿سُورَةٌ﴾ فنصب على الإغراء، ولا يجوز حذف أداة الإغراء وأجازوا أن يكون من باب الاشتغال أي أنزلنا ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا﴾ فأنزلناها مفسر لأنزلنا المضمرة فلا موضع له من الإعراب إلاّ أنه فيه الابتداء بالنكرة من غير مسوغ إلاّ إن اعتقد حذف وصف أي ﴿سُورَةٌ﴾ معظمة أو موضحة ﴿أَنزَلْنَاهَا﴾ فيجوز ذلك.
وقال الفراء :﴿سُورَةٌ﴾ حال من الهاء والألف والحال من المكنى يجوز أن يتقدّم عليه انتهى. فيكون الضمير المنصوب في ﴿أَنزَلْنَاهَا﴾ ليس عائداً على ﴿سُورَةٌ﴾ وكان المعنى أنزلنا الأحكام سورة أي في حال كونها سورة من سور القرآن، فليست هذه الأحكام ثابتة بالسنة فقط بل بالقرآن، والسنة.
وقرأ الجمهور ﴿أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ بتخفيف الراء أي فرضنا أحكامها وجعلناها واجبة متطوّعاً بها. وقيل : وفرضنا العمل بما فيها. وقرأ عبد الله وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة وأبو عمرو وابن كثير بتشديد الراء ما للمبالغة في الإيجاب، وإما لأن فيها فرائض شتى أو لكثرة المفروض عليهم. قيل : وكل أمر ونهي في هذه السورة فهو فرض.