والظاهر أن الحزبين هما منهم لقوله تعالى ﴿وَكَذَالِكَ بَعَثْنَـاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُم قَالَ قَآاِلٌ مِّنْهُمْ﴾ الآية. وكأن الذين قالوا ربكم أعلم بما لبثتم علموا أن لبثهم تطاول، ويدل على ذلك أنه تعالى بدأ بقصتهم ولا مختصرة من قوله ﴿أَمْ حَسِبْتَ﴾ إلى قوله ﴿أَمَدًا﴾ ثم قصها تعالى مطولة مسهبة من قوله ﴿نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّا إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَـاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ لَن نَّدْعُوَا مِن دُونِهِا إِلَـاهًا لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا * هَـؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِا ءَالِهَةًا لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَـانا بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِا وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مِّنْه ذَالِكَ مِنْ ءَايَـاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِا وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَه وَلِيًّا مُّرْشِدًا * وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌا وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِا وَكَلْبُهُم بَـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِا لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا * وَكَذَالِكَ بَعَثْنَـاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُم قَالَ قَآاِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُم قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍا قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَـاذِهِا إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا * وَكَذَالِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَـازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُم فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَـانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِم قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا * سَيَقُولُونَ ثَلَـاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمَا بِالْغَيْبِا وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم قُل رَّبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌا فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَآءً ظَـاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا * وَلا تَقُولَنَّ لِشَا ىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَالِكَ غَدًا * إِلا أَن يَشَآءَ اللَّه وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لاقْرَبَ مِنْ هذا رَشَدًا * وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلَـاثَ مِا ئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوْا ﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩١
وقال ابن عطية : والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم ﴿الْفِتْيَةُ﴾ أي ظنوا لبثهم قليلاً، والحزب الثاني هم أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم حين كان عندهم التاريخ بأمر الفتية، وهذا قول الجمهور من المفسرين انتهى. وقالت فرقة : هما حزبان كافران اختلفا في مدة أهل الكهف. قال السدّي من اليهود والنصارى الذين علموا قريشاً السؤال عن أهل الكهف، وعن الخضر وعن الروح وكانوا قد اختلفوا في مدة إقامة أهل الكهف في الكهف. وقال مجاهد : قوم أهل الكهف كان منهم مؤمنون وكافرون
١٠٣
واختلفوا في مدة إقامتهم. وقيل : حزبان من المؤمنين في زمن ﴿أَصْحَـابَ الْكَهْفِ﴾ اختلفوا في مدة لبثهم قاله الفراء. وقال ابن عباس الملوك الذين تداولوا ملك المدينة حزب وأهل الكهف حزب. وقال ابن بحر : الحزبان الله والخلق كقوله ﴿أَعْلَمُ أَمِ اللَّه وَمَنْ﴾ وهذه كلها أقوال مضطربة. وقال ابن قتادة : لم يكن للفريقين علم بلبثهم لا لمؤمن ولا لكافر بدليل قوله ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوْا ﴾. وقال مقاتل : كما بعثوا زال الشك وعرفت حقيقة اللبث.


الصفحة التالية
Icon